تحولت الحكومة الموريتانية من داعمة للمحروقات إلى متربحة من فارق السعر، في بلد يعاني من الفقر وتدني مستويات المعيشة.
وكشفت بيانات اقتصادية رسمية حديثة أن أكثر من نصف ميزانية البلاد عام 2016 تم تحصيلها من فارق سعر المحروقات، حيث وصل المبلغ الذي تحصل عليه الحكومة من فارق السعر إلى أكثر من 233.097 مليار أوقية موريتانية (الدولار الواحد يساوي 339 أوقية)، ما يمثل نسبة 55% من التي أعلنت عنها للعام 2016، والتي بلغت 422.093 مليار أوقية.
وتحصل الحكومة على هذا المبلغ من خلال فارق السعر بين شراء المحروقات من الأسواق العالمية، وسعر بيعه في موريتانيا، إضافة إلى الجمارك والضرائب المتعددة المفروضة على المحروقات.
ورغم الاحتجاجات التي نظمتها منظمات المجتمع المدني بتأطير من فعاليات شبابية وأسفرت عن تأسيس مبادرة “لن اشتر محروقات”، لتوعية المجتمع بضرورة تخفيض استهلاك المحروقات والضغط على السلطات لخفض أسعارها، فإن الحكومة لم تتراجع عن قرارها وأبقت على أسعار المحروقات في مستويات مرتفعة.
وتكشف أسعار المحروقات في موريتانيا عن غلاء غير مبرر، حيث لا زالت الحكومة تفرض أسعاراً سجلتها المحروقات أثناء الارتفاعات التي عرفتها الأسعار عالميا بين عامي 2013 و2014، ويباع لتر المازوت بـ384.6 أوقية والبنزين بـ402.4 أوقية.
وتبرر الحكومة الموريتانية قرارها الإبقاء على أسعار المحروقات مرتفعة برغبتها في تعويض الدعم الذي خصصته للمحروقات في الفترة التي ارتفعت فيها أسعار المحروقات عالميا، غير أن خبراء اقتصاد يؤكدون أن هذا العامل لا يبرر الإبقاء على أسعار المحروقات مرتفعة رغم مرور أكثر من عام على انخفاض أسعار المحروقات عالميا، ويعتبرون أن الحكومة تعودت طيلة هذه الفترة على استغلال فارق السعر في بيع المحروقات للحصول على موارد مهمة للخزينة.
وكانت الحكومة قد بدأت خطة لرفع الدعم عن المحروقات تمهيدا لتحرير سعرها، فبعد أن كانت في عام 2009 تدعم سعر اللتر الواحد من المحروقات بحوالي 100 أوقية، انخفض هذا الدعم إلى 47 أوقية عام 2011، وتواصل تقليص الدعم بشكل تدريجي مقابل رفع أسعار المحروقات لتناسب ارتفاع أسعار النفط عامي 2013 و2014، لكن مع انخفاض أسعار المحروقات أبقت الحكومة الموريتانية على أسعارها في أعلى مستوياتها ليصل ربحها من فارق السعر إلى أكثر من 230 مليار أوقية سنوياً.