نيويورك تايمز: كان ذلك سيعتبر إساءة شديدة، لكن لحسن الحظ لم يلاحظه أحد.
في النصف الأول من القرن العشرين، كان ثمة تمثال من الرخام بطول ثمانية أقدام للنبي محمد يطل على حديقة ميدان ماديسون من أعلى سطح شعبة النقض في دار القضاء الكائنة في ضاحية ماديسون.
وقبل 60 عامًا، جرى التخلص من التمثال في صمت. وذلك في خطوة تبدو الآن، على ضوء هجوم باريس، كنموذج للباقة والدبلوماسية.
كان ما أثار حفيظة المسلمين في الفترة ما بين 1902 و1955 هو أن تمثال النبي محمد قد وُضع بين تماثيل تسعة من “المُشرعين العظام”، بما فيهم كونفوشيوس وموسى.
يقول جورج تي.كامبل، رئيس كتبة شعبة النقض، القسم الأول، “على الأرجح لم يعرف المسلمون بوجود التمثال” في عام 1955، وذلك عندما جرى أخيرًا إزالة التمثال مراعاة للمسلمين، الذين يمثل تصوير الرسول بالنسبة لهم إهانة.
ولكن لا يبدو أن من بنى المحكمة كان ينوي إهانة المسلمين أو أي أحد آخر. فالمهندس المعماري (جيمس براون لورد) عمل مع مجموعة من النحاتين لزخرفة الواجهة بشخصيات تلهم الناظرين.
يقول مايكل إتش.بوغارت، أستاذ تاريخ الفن في جامعة ستوني بروك “كانوا مهتمين بتقديم الإسلام، أحد أعظم الأديان على وجه الأرض، إلى القانون الأمريكي والحضارة التي سادت في أوائل القرن العشرين”.
إن العديد من المباني الأمريكية من أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين غنية بالأعمال الفنية الاستعارية أو التمثيلية التي فقدت مغزاها لدى العديد من المعاصرين.
ظل الحال على ما هو عليه حتى العام 1953، عندما أعلنت شعبة الاستئناف أنه ستجري عمليات إصلاح على المبنى المتداعي، مما أعاد إلى الأذهان أن أحد تلك التماثيل يمثل النبي محمد.
لكن إدارة الأشغال العامة في نيويورك انتصرت حينها، وجرى إزالة كافة التماثيل العشرة، بما أن حالتهم كانت سيئة جدًا. رغم أن السيد كامبل قاتل بشدة لإصلاحها وتنظيفها والإبقاء عليها.
لكن المناقشة العلنية للمشروع لفتت انتباه سفارات مصر وإندونيسيا وباكستان إلى وجود التمثال، فطلبوا من وزارة الخارجية التدخل لدى مفوض الأشغال العامة في المدينة.
كما أرسل العديد من المسلمين إلى المحكمة يطلبون منها التخلص من التمثال، حيث قال كامبل عام 1955 “إن قضاتنا السبعة يوصون بالموافقة على الطلب”.
وفي وقت ما بين عامي 1954 و1955، جرى إنزال تمثال النبي محمد، والذي كان وزنه يزيد على 1000 رطل، إلى الشارع، وجرى لفه في نجارة ونقله إلى مخزن في نيو آرك. لكنه لم يكن قد جرى التخلص منه عندما كتبت عنه صحيفة التايمز في التاسع من أبريل عام 1955.
وفي مقال نشرته صحيفة التايمز يوم 12 فبراير 2006 بعنوان “صور محمد، ولَّت إلى غير رجعة”، قدمت إشارة للتمثال بعد أن شوهد آخر مرة في عام 1983 “ملقى على جانبه في حديقة من الحشائش الطويلة في مكان ما في نيو جيرسي”.