نوافذ (نواكشوط ) ـ أظن بأن الوقت مناسب لسرد هذه القصة بكل صدق وأمانة ومسؤولية بعيدا عن أية هواجس مرتبطة بالخوف من بشر أو الطمع فيه وحتى لا يصبح نكران الجميل بضاعة يستحسن الناس قبيحها
وبداية يشهد الله على أننى لا أعرف السيد محمد ولد بوعماتو بصفة شخصية رايته مع مرات فى التلفزة والمواقع والصحف المحلية مرة واحدة مباشرة صحبة فريق طبي جراحي اجنبي استضافنا فى دورة تكوينية فى مقر مستشفى بوعماتو للعيون لا أتذكر هل صافحته لكنني أتذكر ان زميلا لى هو من عرفني به وطبيعي اننى لم أزره لا فى منزله ولا فى مكتبه ولا فى وطنه ولا فى منفاه الذى ربما كان اختياريا
قبل سنوات حدود عام 2001 كانت لدي سيارة من نوع “رينو21” اشتريتها ككل سياراتي (هي من “غالب قوت أهل البلد”) التى قبلها وبعدها عن طريق الدفع الشهري لفترة قد تصل عاما يزيد اوينقص حسب الثمن ووضعية راتبى الشهري ويبدو أنها كانت مصممة أصلا ليتسلمها وزير النفط الكويتي فلكي اقطع المسافة بين “الرياض” جنوب العاصمة و”الطب لكبير” كنت بحاجة ل5000 أوقية من “البنزين / إصانص” ذهابا فقط
فى أحد صباحات مقاطعة “الرياض” الجميلة كان علي الذهاب الى المستشفى الوطني حيث اعمل ممرضا فقررت المرور بمحطة للوقود عند الكلم 10 تابعة لشركة “توتال” لأتزود بالبنزين فالسيارة “عينها حمراء” و”كرشها كبيرة” مثل جوف ابن آدم الذى لا يملؤه إلا التراب ويبدو ان جهلى بالسياقة و”تعطش” السيارة للبنزين تسببا فى كارثة
قدر الله وماشاء فعل ارتطمت السيارة بمضخة البنزين وكلاهما طرحت الأخرى أرضا ربما استخدمت دواس زيادة السرعة بدلا من المكبح وهو احتمال قوي وارد رغم انه لم يفتح تحقيق رسمي اوشعبي فى الحادثة
كان الارتطام قويا فالمضخة “انسلت بعروقها” والواضح ان سيارتى كانت تعرف ان كل مافى المضخة لايكفيها فاختارت البحث عن البحيرة الجوفية للبنزين التى تمتاح منها المحطة علها تروى ظمأها وهو مايفسر ان عجلتها انغرست فى حفرة تحت المضخة المنكوبة
تجمع الناس بسرعة وتعالت التعليقات والتحليلات ومن أطرفها “هذا واحد من اهل تفرغ زينه امنضى طالع ماايراعى افشى” وتعليق آخر ” غرس كاسكادير حايص وتتب بوه” وآخر ” ذى الوتة مصروكه ذشوفير ساركها جاهل ما احذاه شى”
المهم قال لى مشرف المحطة ” لامشكلة بالنسبة لعمل المحطة وخسائرها اليوم واصلاحات الكهرباء كل ذلك أتحمله أنا شخصيا فقط المضخة لاقبل لى بتحمل اية مسؤولية عنها”
كان طيبا وخلوقا وهادء الملامح وكان وقاره يخفى سحابة صدمة من الحادثة
شكرته على معروفه وطيب اخلاقه فى الأثناء اتصلت بمدير اشطارى اخى وصديقى التاه ولد أحمد وبالأستاذ عبدالباقى ولد محمد المدير المؤسس للجريدة طبعا فى تلك الأيام كانت علاقة حسنة تربط المدير التاه ولد احمد بالسيد محمد ولد بوعماتو الذى قال لى مشرف المحطة انه ممثل “توتال” والمحطة تابعة له بشكل مباشر ومن ضمن الذين هاتفتهم أيضا أخى وصديق الطفولة والدراسة أيراهيم ولد اعلى الكورى (ولد غدور) وهو يعمل فى مجال المحروقات وخبير بأمورها وأخى المختار بوبكر
المهم جاء بسرعة خبيران موفدان من “توتال” لتقييم الخسائر وبعد ساعة من الحسابات والنقاشات والملاحظات قدرا أنه علي تعويض مبلغ 2 مليون اوقية للشركة
“يالبعر كالت منت اكليب”
كنت هادء ومحافظا على اقصى درجات ضبط النفس فقد تجاوزت الصدمة بسرعة والحمدلله
قلت للخبيرين ” أنتوم آن اللى مسيت ألا ابمب أورانج والدلاح أومندرين ما مسيتهم” ضحكا كثيرا ووضحا أنهما تقنيان لاعلاقة لهما بأكثر من تقدير حجم الخسائر
حدثت اتصالات كثيرة وعلى مستويات متعددة وللامانة فالجماعة التى هاتفتها حضرت ميدانيا وبسرعة لتدبر الأمر
يبدو أن المدير التاه اتصل بالسيد محمد ولد بوعماتو وذكر له أن رئيس تحرير جريدته الحق ضررا بمضخة احدى محطات “توتال” التابعة له كما أن ابراهيم ولد غدور أجرى اتصالات أخرى لطي الملف
بعد ساعتين قال لى مشرف المحطة ” أستاذ بمقدورك سحب السيارة تلقينا تعليمات من الرئيس محمد ولد بوعماتو بأن نخلى سبيلك وتعهد بتركيب مضخة بدل هذه التى تحطمت خلال الايام القادمة”
أخذت مفتاح السيارة من المشرف الذى احتفظ به لدواع طبيعية فى مثل هذه الحالات وأنا أستلمه تلقيت مكالمات من التاه بان الملف انتهى وان السيد بوعماتو تحمل نفقة احضار مضخة جديدة طبعا التاه كان معى رفقة عبدالباقى لكنه ذهب عنا فى مهمة ذات علاقة بالوصول الى نهاية سريعة للمشكلة
لقد قام المدير التاه وبتنسيق مع المديرعبد الباقى بعمل رائع حقا ولهما علي دين مستحق من الثناء الحسن والعرفان بالجميل
اعرف ان ولد بوعماتو لايعرفنى اطلاقا لكنه يعرف المدير التاه فهوصديق شخصي له فى تلك الفترة كغيره من الصحفيين والسياسيين والاشخاص المعروفين واصحاب الشهرة
لقد كان جميلا طوق به ولد بوعماتو عنقى لا انساه له ابدا فمن أين لى ب2مليون أوقية وراتبى فى الجريدة إضافة لراتبى كممرض بالكاد يصلان يومها الى 100000 أوقية تذهب منها 50000 أوقية الى صاحب السيارة حسب عقد البيع
كانت الأمانة تقتضى منى نشر هذه القصة فى هذه الظروف والسيد بوعماتو يواجه مشكلة مع النظام ويتنكر له حتى الذين اخذوا منه المال والسيارات مباشرة فى منزله أو مكتبه ومنهم اعلاميون وسياسيون يتوزعون اليوم بغير عدالة بين الأغلبية والمعارضة
وعلي القول ختاما ان ولد بوعماتو يومها لم تكن لديه أية مشكة مع النظام وانه ليس بحاجة لا في تلك الأيام ولا اليوم أيضا لمن يدافع عنه أويتعاطف معه ولقد آليت على نفسى أن لا أشارك فى أية حملات تشويهية ضد الرجل عرفانا له بالجميل وليس من عادتى نكران الجميل اوالتنكر لمن وقف معى عندما كنت على وشك السقوط حتى ولوعبر وسطاء فالرجل كان شهما معى والشهامة لاتقابل الا بالشهامة و”خيل ما أترد خيل ماهى حرة”