وزير الإقتصاد في مقابلة مع جريدة الشعب (نص المقابلة)

0
293

أجرت يومية الشعب بمناسبة الذكرى 57 لعيد الاستقلال مقابلة شاملة مع وزير الاقتصاد والمالية استعرض خلالها الوضع الاقتصادي في البلاد.

وأبرز الوزير خلال المقابلة المطولة سياسة قطاعه في مختلف المجالات المتعلقة بالشؤون المالية والاقتصادية بموريتانيا.

وقال الوزير إن الحكومة الموريتانية رصدت مبلغ 41 مليارا من الأوقية لبرنامج التدخل السريع للعام 2018 بزيادة بلغت 10 مليارات على العام الماضي.

و أضاف ولد اجاي في مقابلة مع جريدة الشعب إن مبلغ 16 مليار من هذه الميزانية سيخصص لمتابعة برنامج أمل فيما سيتم تخصيص 10 مليارات للاحتياجات في مجال أعلاف الحيوان و ما يتعلق بها على أن يتم رصد 15 مليارا للبرامج المصاحبة مثل حفل الآبار.

و أكد ولد اجاي في رده على سؤال حول الرؤية الاقتصادية للحكومة إنه سيتم الاعتماد بالأساس على القطاع الخاص لتحريك النمو الاقتصادي ، و هو محدد أساسي “لصياغة الاستيراتيجية التنموية الجديدة للبلد: استيراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك 2016-2030”. وفق تعبيره.

و أشار ولد اجاي إلى هذا الإجراء سيؤدي إلى “تنفيذ هذه الاستيراتيجية و إلى زيادة الدور المنوط بالقطاع الخاص في تطوير الاستثمارات الخصوصية من خلال ظهور شركات موريتانية أكثر تنافسية، وكذلك تحفيز الشركات الأجنبية على اختيار بلادنا لاستثماراتها المباشرة”، بحسب تعبيره.
وفيما يلي نص المقابلة التي نشرها اليوم الاثنين الموقع الالكتروني لوزارة المالية:

الشعب: أطلقت موريتانيا استيراتيجية نمو جديدة للتنمية في أفق 2030 تحت اسم استيراتيجية النمو المتسارع والازدهار المشترك، ما هي ضمانات تحقيق هذه الاستيراتيجة لأهدافها؟ وهل ستختلف نتائجها عن ما حققته استيراتيجية تنموية مماثلة

هي استيراتيجية محاربة الفقر (2000ـ 2015)؟

الوزير: بداية أود أن أشكركم على السانحة لتوضيح بعض القضايا التي تهم الرأي العام الوطني وفي مقدمة ذلك بالتأكيد استيراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك (2016 ـ 2030) التي تم اعتمادها والتصديق عليها من طرف اللجنة الوزارية المشتركة لمحاربة الفقر بتاريخ 6 أكتوبر 2017، بعد أن تم عرضها على مختلف الفاعلين من سياسيين ومجتمع مدني وكذلك الشخصيات المرجعية في المهجر وداخل البلد. إن هذه الاستراتيجية التي جرى إعدادها وفق مسار تشاركي واسع أظهر مدى الاهتمام الذي يوليه رئيس الجمهورية لمواصلة الجهود الرامية إلى تحسين الظروف المعيشية للسكان وتعميم الرفاه.

وتعبر هذه الاستراتيجية عن رؤية موريتانيا التنموية في أفق 2030 وهي رؤية تقوم على ضرورة الاستجابة للتطلعات المشروعة للموريتانيين بخصوص إزالة العقبات، ورفع التحديات التي يواجهها المجتمع والاقتصاد الموريتاني وسط محيط دولي يتميز بتنافس حاد حول فرص تتناقص شيئا فشيئا. كما تعبر الاستراتيجية عن تصور فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز لموريتانيا وتحاول أن تستجيب للمشاغل التي يواجهها البلد كما أبرزها التشخيص المفصل للوضع الاقتصادي والاجتماعي.

وبخصوص النتائج المنتظرة من هذه الاستيراتيجية فإننا نتوقع أن تكون مختلفة عن ما حققته استيراتيجية محاربة الفقر لأنه تم القيام بتشخيص شامل وموضوعي حيث اتسم بطابعه التشاركي الموسع مما سمح بتحديد مكامن القوة والضعف في استراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك والسعي إلى تحقيق نتائج سريعة باتجاه دفع النمو إلى الأمام وخلق الظروف الأكثر ملاءمة لشمول واستدامة النمو، كما أن الظروف المحيطة بالتنفيذ التي تتمثل في الإصلاحات الكبرى التي قامت بها الحكومة على مختلف الأصعدة تشكل هي الأخرى عوامل ايجابية.

الشعب: ما هي أهم محاور هذه الرؤية الجديدة( استيراتيجية النمو المتسارع والازدهار المشترك)، وهل جرى تصميمها أصلا بالاعتماد على الموارد الذاتية أم ستكون مرهونة بدعم الشركاء الدوليين؟

الوزير: تعتمد هذه الإستراتجية علي ثلاثة مرتكزات مترابطة ويعزز بعضها البعض وتشكل بحد ذاتها أهدافا استراتيجية لخلق نمو شامل من شأنه أن يخلق الازدهار الذي يخدم الجميع.

المرتكز الاستراتيجي الأول: النهوض بنمو قوي ومستدام وشامل، ويتعلق الأمر بخلق الظروف الملائمة للنمو الاقتصادي المنشود عبر تحولات هيكلية تساعد على بروز وتوطيد قطاعات تخلق الثروة وفرص العمل، التي من شأنها أن تضمن الاندماج الاجتماعي وتلبي الطلب الداخلي وخاصة من خلال المبادرة الخصوصية والإبداع؛ وكذلك تحسين القدرات في مجال التصدير وجلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

المرتكز الاستراتيجي الثاني: تطوير رأس المال البشري والنفاذ إلى الخدمات الاجتماعية القاعدية ويهدف هذا المرتكز بوجه خاص إلى تطوير رأس المال البشري عبر النهوض بجودة التعليم والصحة والنفاذ الواسع للخدمات الاجتماعية الأخرى وتعزيز الحماية الاجتماعية.

المرتكز الاستراتيجي الثالث: تعزيز الحكامة الرشيدة بكل أبعادها، وسيعزز هذا المرتكز جميع أبعاد الحكامة، خاصة عبر توطيد دولة القانون والديمقراطية، والوئام الاجتماعي والإنصاف والأمن واحترام حقوق الإنسان وفاعلية التسيير الاقتصادي والمالي والبيئي وكذا تعميق اللامركزية.

وتصل كلفة هذه الخطة إلى حوالي 10.5 مليار دولار أمريكي ستتم تعبئة خمسة مليارات دولار أمريكي منها لتضاف إلى 3 مليار دولار متاحة حاليا أي ما مجموعه 8.5 مليار دولار، بينما 2 مليار دولار يجب تعبئتهما لصالح المشاريع التي سيجري تنفيذها بشراكة بين القطاعين العام والخاص.

الشعب: دشن قطاعكم منذ فترة إصلاحات مالية لترشيد الموارد وضبط النفقات مثل إصلاح نظام الأجور والتعويضات، وإلغاء الأجور المكررة، وتحسين نظام دفع أجور المؤسسات العمومية.. كيف تقيمون نتائج هذه الخطة.. وما هي حصيلتها بالأرقام؟

الوزير: اعتمدت سياسة محاربة الفساد التي انتهجتها بلادنا في السنوات الأخيرة على تكريس مبدأي الشفافية والوضوح للحد من مجالات الهدر المالي وتفعيل الإيرادات، وتقوية إجراءات الضبط والرقابة الداخلية في المواقع التي يتوقع حصول الفساد فيها.

وفي إطار تنفيذ الإصلاح الاقتصادي عن طريق ترشيد الإنفاق العام وضمن عمليات الإصلاح المتواصلة للمالية العامة، فقد دشن القطاع حملة غير مسبوقة استهدفت محاربة تعدد الرواتب، وتحسين نظام دفع أجور المؤسسات العمومية، ووضع آلية للتدقيق في فواتير الماء والكهرباء المسددة من ميزانية الدولة وترشيد مصاريف السفر الى الخارج في مهمات رسمية.

واستهدفت الإجراءات المتخذة بهذا الصدد تحسين عملیتي إعداد وتنفيذ الميزانية لجميع مؤسسات الدولة من خلال التقييم الدقيق لكتلة الأجور والإعانات (التحكم في كتلة الأجور وعدد العمال) والتبويب على الإيرادات الذاتية، مما سينعكس إيجابا على تسيير السيولة في الخزينة العامة.

إضافة إلى توطيد الإجراءات المتخذة لتنقيح ملفات الموظفين بهدف القضاء على الازدواجية في الوظائف، وتسهيل عملية دفع مرتبات جميع موظفي الدولة في الوقت المناسب، وتفادي التأخر المتكرر في تسديدها خلال فترات طويلة سابقة.

كما استهدفت هذه الإصلاحات تعزيز استقلالية المؤسسات العمومية عن طريق تمكينها من الولوج بشكل مباشر إلى الاعتمادات المخصصة لها والتخلي عن المسطرة الاستثنائية والتي تنفذ غالبا بشكل متأخر، فخلافا للمسطرة العادية لتنفيذ النفقات العمومية بواسطة النظام المعلوماتي المسمي “الرشاد” يتم تنفيذ ميزانيات المؤسسات العمومية المستقلة والمشاريع الاستثمارية وفق مسطرة استثنائية تسمى الوضع تحت التصرف.

حيث تتولى الوزارات الوصية تنفيذ ما يتعلق بميزانيات التسيير وكذا المساهمة الوطنية في المشاريع التنموية في حين يتم تفويض الإدارة العامة للميزانية بالإجراءات المتعلقة بالأجور والمرتبات.

واحتراما لمبدأ وجوب الإيداع في الخزينة العامة، ترصد هذه الاعتمادات من خلال حوالات تنفذ بشكل فصلي، حيث تسجل في حسابات الإيداع لدى المؤسسات والمشاريع على مستوى الخزينة، وتتجاوز هذه الحسابات 100 حساب يتم من خلالها تنفيذ ما يقارب 50% من الميزانية العامة للدولة.

ويتسبب تنفيذ ميزانيات المؤسسات العمومية من خلال هذه الإجراءات الاستثنائية المتبعة إلى اختلال التوازنات المتعلقة بالميزانية كما تتأثر عملية تسيير السيولة الضرورية لتنفيذ الميزانية ويختل مبدأ السنوية وكذا تتضاعف النفقات المنفذة خارج نطاق الميزانية.

وسيمكن مسك حسابات الميزانية للمؤسسات العمومية من خلال دمجها في النظام المعلوماتي “الرشاد” من تكريس مبدأ استقلالية المؤسسات وذلك عن طريق تمكين هذه المؤسسات من الولوج إلى تنفيذ ميزانياتها بشكل كلي ومستقل.

وتمتد هذه الإصلاحات على مدى ثلاث سنوات، حيث سيتم اكتمال دمج 244 مؤسسة بأثر مالي على الميزانية حيث يبلغ 118.5 مليار أوقية. وفي غضون ثلاث سنوات، ستمكن هذه الإصلاحات من تحقيق وفورات بنسبة 2.2% من الناتج المحلي الإجمالي ومن تعبئة دعم للميزانية بنسبة 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي.

ويمكن إبراز حصيلة هذه الإصلاحات كالتالي:

أ‌- إصلاح نظام الأجور والتعويضات وإلغاء الأجور المكررة:

لقد مكنت حملة القطاع التي استهدفت مراجعة نظام الأجور والتحكم في كتلتها وإلغاء الرواتب المكررة، من جهة من توفير 3174 فرصة عمل جديدة تم على إثرها اكتتاب 1915 من طرف الوظيفة العمومية وتعيين 397 في المؤسسات العمومية وهو مما سيعزز من العدالة الوظيفية ويدعم مبدأ تكافؤ الفرص ويرفع من إنتاجية العمل، ومن جهة أخرى من توفير عائد مالي انعكس على الميزانية السنوية للدولة بمبلغ يزيد على 3 مليارات أوقية وهو ما من شأنه أن يرفع من قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها الاقتصادية والاجتماعية.

ضمان دفع اشتراكات جميع عمال القطاع العمومي في الضمان الاجتماعي والصحي.

توفير مبلغ سنوي يناهز 3.5 مليار أوقية على فواتير الماء والكهرباء والهاتف.

توفير مبلغ يناهز 3.2 مليار سنويا على بند الأسفار والمهام الرسمية.

ب‌- أما فيما يتعلق بنظام دفع أجور المؤسسات العمومية، فحتى نهاية سبتمبر 2017 فقد تم تسديد جميع الرواتب من خلال النظام المعلوماتي المسمى الراتب (باستثناء المشاريع) بالنسبة ل 120 مؤسسة.

 كما تم دمج 50 مؤسسة ما بين المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، والمكاتب واللجان في نظام الرشاد، حيث استفاد قرابة 20.000 موظف من استلام مرتباتهم في الوقت المناسب، وذلك بغلاف مالي يناهز 20 مليار أوقية. وهو ما انعكس بشكل إيجابي على التحكم في التسيير المعقلن للسيولة بفضل انتظام الأجور واستقرار كتلتها، فضلا عن الأثر الإيجابي على حياة هؤلاء الموظفين الاجتماعية والاقتصادية وتفادي ما كان يقع بهم وبعائلاتهم من آثار ومخلفات سلبية نتيجة للتأخر شبه الدائم في دفع رواتبهم منذ فترة طويلة.

ويسعى القطاع خلال سنة 2018 إلى دمج 129 مؤسسة جديدة من المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، والمكاتب واللجان والمفوضيات في نظام الرشاد بأثر مالي يبلغ 65 مليار أوقية، على أن يصل عدد المؤسسات الجديدة المدمجة في المرحلة الثالثة لهذا الإصلاح أي بحلول سنة 2019 إلى 65 مؤسسة.

كما تم تطوير وتحسين وتنظيم آلية اختيار مشاريع الاستثمار العمومي.

الشعب: تواجه موريتانيا السنة الحالية تداعيات النقص الحاد في الأمطار فهل هنالك برنامج مماثل تم اعتماده لمواجهة ظروف مشابهة هو برنامج أمل؟

الوزير: لا اعتقد أن الصورة بهذه السوداوية بالنسبة للنقص التساقطات المطرية لهذه السنة، والتي هي في حقيقتها تفاوت في مستوى هذه التساقطات على مختلف المناطق، حيث أنه بالفعل تم تسجيل نقص حاد في بعض المناطق، بينما سجلت مناطق أخرى مستوى تساقطات أفضل من السنة الماضية، ومع ذلك فإنه بعد ملاحظة هذا النقص المسجل اصدر فخامة رئيس الجمهورية باكرا، في اطار اهتمامه ومواكبته لأوضاع المواطنين، تعليماته للحكومة، خصوصا القطاعات المعنية بإجراء تقييم للحاجة والأثر المترتب على هذا النقص، وقد تم هذا التقييم وأعطيت لوزارة الاقتصاد والمالية التوجيهات من طرف فخامة رئيس الجمهورية باقتراح مبلغ كافي في مشروع ميزانية هذه السنة، حتى لا تحدث أي اختلالات في المرحلة القادمة، وعلى هذا الأساس تم رصد مبلغ 41 مليار لبرامج التدخل السريع لسنة 2018 ، بزيادة 10 مليارات عن السنة الماضية، من بينها 16 مليار لمتابعة برنامج أمل الذي انطلق منذ 2011 ، كما سيتم رصد 10 مليارات للاحتياجات في مجال أعلاف الحيوان وما يتعلق بها، كما سيرصد مبلغ 15 مليار للبرامج المصاحبة، مثل حفر الآبار في مناطق المراعي لتمكين المنمين من الاستفادة من هذه المناطق، وستواصل سياسة استصلاحات الزراعة المروية للتخفيف من حدة المشكلة، وكذلك ترسيخ مشروع تجربة زراعة الأعلاف ” الفصة” التي انطلق مشروع كبير لها في انبيكة لحواش، ومحاولة تعميم التجربة حتى لا نبقى مرتبطين بالتساقطات المطرية وخلق آلية جديدة مرنة تساهم في حل مشكلة نقص تقلب التساقطات.

الشعب: من المعلوم أن تحقيق أي تنمية اقتصادية مستقبلية يمر حتما عبر الاستثمار وتحقيق ظروف ملائمة لجذب رأس المال .. فما هي جهود القطاع لتوجيه الاستثمارات نحو فرص الاستثمار المتعددة، وماذا عن حلم جعل ” موريتانيا أرض المليون فرصة استثمار” الذي أطلقتم منذ فترة؟

الوزير: إن تحقيق التنمية الاقتصادية كغيره من الأهداف التنموية الكبرى يبدأ دائما بالرؤية الصحيحة، وانطلاقا من الرؤية الثاقبة لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، والتي تعمل حكومة معالي الوزير الأول المهندس يحي ولد حدمين على ترجمتها إلى توجهات استيراتيجية حاسمة، فإن التوجه الذي رسمته الدولة في هذا المجال يتمثل في أن يكون القطاع الخاص هو محرك النمو الاقتصادي، لذلك كان هذا التوجه محددا أساسيا لقطاعنا لدى صياغة الاستيراتيجية التنموية الجديدة للبلد: استيراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك 2016-2030.

وسيؤدي تنفيذ هذه الاستيراتيجية إلى زيادة الدور المنوط بالقطاع الخاص في تطوير الاستثمارات الخصوصية من خلال ظهور شركات موريتانية أكثر تنافسية، وكذلك تحفيز الشركات الأجنبية على اختيار بلادنا لاستثماراتها المباشرة.

وفي معرض تشجيع الاستثمار، عندما نعبر عن موريتانيا بكونها بلاد المليون فرصة استثمار، فهي بالفعل كذلك، فبالإضافة إلى فرص الاستثمار التي يوفرها تثمين الثروات الاقتصادية الكبيرة والمتنوعة التي يزخر بها البلد، فإن هناك أيضا فرص الاستثمار التي يوفرها المورد الأكبر للبلد والمعين الذي لا ينضب، أعني الإنسان الموريتاني نفسه، بحبه لهذه الأرض وسعيه لإعمارها، إن لدينا مثلا أكثر من مليون شاب وشابة، يمثل كل منهم -بطموحاته وإبداعاته- مشروعا لرائد أعمال وأملا لإطلاق مشاريع استثمارية متعددة.

لذلك نحن نعمل باستمرار على تحسين مناخ الأعمال في بلادنا، لنسهل على كل رواد الأعمال بدء أنشطتهم التجارية ونوفر لهم الولوج إلى مختلف الخدمات التي يحتاجونها.

وقد عرف مناخ الأعمال في موريتانيا تحسنا مشهودا خلال الفترة الماضية، جاء ثمرة لإصلاحات متتالية قيم بها، حيث يثبت تصنيف ممارسة الأعمال (دوينغ بيزنس) Doing Businss الذي تشرف عليه مجموعة البنك الدولي تقدم بلادنا بخطوات ثابتة لتحسين نتائجها خلال السنوات الثلاثة الأخيرة.

وللنتائج التي تضمنها التقرير الجديد لهذا التصنيف الصادر في 31 أكتوبر الماضي دلالات خاصة لبلادنا، فمن حيث ترتيبها تقدمت بلادنا بعشر رتب هذه السنة مقابل ثماني رتب في التقرير الصادر قبل سنة، ومن حيث عدد الإصلاحات حققنا خمسة إصلاحات مقابل أربعة قبل ذلك، وهاتان النتيجتان توثقان تتالي الإصلاحات في مناخ الأعمال في بلادنا بوتيرة متسارعة. ومن ناحية أخرى فإن حصول موريتانيا على درجة قدرها 50,88% له دلالته الخاصة أيضا على تجاوز منتصف الطريق الذي سيقودنا إن شاء الله لتوفير مناخ أعمال يضاهي أحسن الممارسات العالمية في مجال اهتمامات هذا التصنيف.

وقد تجسدت هذه الاصلاحات في خطوات متعددة ومتنوعة لامست مختلف جوانب اهتمامات المستثمرين من اصلاحات قانونية وتوفير بنى تحية وطاقة وفي هذا الاطار تمت مضاعفة إنتاج البلد من الطاقة الكهربائية عشر مرات كما تم إنشاء شباك موحد خاص بتوفير الطاقة ذات الجهد المتوسط خاص بالنسبة للمستثمرين مما يوفر عليهم الوقت والمال.

وفي مجال قطاع البنى التحية تم تحقيق انجازات معتبرة من خلال مضاعفة الطرق المعبدة وكذلك توسعة الموانئ وأخرى في طور الإنشاء.

وعلى مستوى الإطار القانوني تمت صياغة مدونة للاستثمار شملت العديد من الضمانات والمزايا والحوافر للمستثمرين ، وعلى مستوى الموارد البشرية تم افتتاح العديد من المدارس والمعاهد العليا ومراكز التكوين المهني لتخريج يد عاملة متخصصة وماهرة، كما تم إنشاء جهاز مكلف بترقية الاستثمار يضم شباك موحد يمكن من إنشاء الشركات في ظرف لا يتجاوز 48 ساعة هو الثالث عربيا والخامس إفريقيا، كما تم إنشاء شباك موحد على مستوى الميناء يمكن هو الآخر من تسريع انجاز تخليص البضائع مما سيمكن من تقليل التكاليف والزمن بالنسبة للزبناء.

ولتجاوز عقبة ضيق السوق المحلية تم توقيع اتفاقية مع المنطقة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (أكثر من 300 مليون ) ستشكل سوقا ضخمة بالنسبة للمستثمرين في بلادنا.

وقد مكنت هذه الجهود من من جلب العديد من الاستثمارات حيث أنه توجد 8 وحدات صناعية بعضها انطلق والبعض سينطلق قبل نهاية السنة، ومن نماذج هذه الوحدات شركة صناعة أنابيب المياه قادرة على تغطية حاجة البلد من هذه المادة وهي استثمار وطني اجنبي مختلط، كما توجد 3 وحدات لإنتاج حديد البناء ستغطى 60% من حاجيات البلد، كما توجد 3 وحدات صناعية جديدة في مجال المواد الغذائية ( المعجونات الغذائية) ستغطى 90% من حاجات البلد.

في المجال السياحي سيبدأ العمل قريبا في فندق “شيراتون ” اسنيم بعد دخول مستثمرين خواص جدد كمساهمين في هذه المنشأة، وكذلك هنالك مركب سياحي ثاني على شاطئ نواكشوط عبارة عن استثمار أجنبي يضم فندقيين احدهما 4 نجوم والثاني 5 نجوم بالإضافة إلى 52 فيلا.

كما أن توقيع العديد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات بين الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي ومستثمرين وطنيين وأجانب قبل أيام خلال الملتقى الاستثماري حول الثروة الحيوانية في موريتانيا يشكل تأكيدا على نجاعة وايجابية هذه الإصلاحات وقدرتها على جلب المستثمرين.

المصدر