أن تتذيل الجمهورية الإسلامية الموريتانية الترتيب العالمي في مؤشر جودة التعليم العالي والتدريب لعام 2017 -2018 الصادر يوم 26/09/2017 عن المنتدى الاقتصادي العالمي، ويقف الجميع يتفرج فهذا غير مقبول على الإطلاق، نعرف كما يعرف القاصي والداني بأن الحكومات المتعاقبة على البلد تواصو على التقصير بل على التفريط في إصلاح المنظومة التعليمية وأجمعوا أمرهم على إفسادها،
فأفرزت المؤسسات التعليمية العليا جمع غفير هو في غالبه الأعم غثاء كغثاء السيل من الخريجين الذين لا يستطيعون حيلة بسبب عدم التكوين ولا يهتدون سبيلا لانعدام التأهيل.
ولا يخفى على المتأمل المتبصر المهتم بما يجري في البلاد أن القيادة الممسكة حاليا بزمام السلطة سارت على نهج أسلافها فتعاملت ولا تزال مع التعليم من منطلق كل يعطي مما عنده، وهنا نفهم لماذا منظومتنا التعليمية تسير من سيء إلى أسوء؟.
ندرك في قرارات أنفسنا أن وضع التعليم في موريتانيا – وفي كل مراحله – أسوء بكثير مما جاء في التقرير الذي على أساسه احتلت موريتانيا هذه المرتبة لكن علينا أن نفعل شيئا. فماذا يجب أن نفعل؟
القيام على تعليم المواطنين أمر يناط -في العرف- بوزارة التعليم الأساسي والثانوي، أو وزارة التهذيب الوطني سمها ما شئت، لكن حين تعجز الجهة الوصية أو تقصر نتيجة غياب الإرادة السياسية عند أعلى هرم السلطة أو فساد يعشش في جنبات الجهة الوصية يجب أن يتحمل المجتمع المدني، والسياسيين والمثقفين والمهتمين بالشأن العام مسؤولياتهم أمام أنفسهم وأمام التاريخ من أجل انتشال هذا المجتمع من مخلفات واقع بائس يعيشه خاصة أن استمرار الوضع في التدهور بهذه الوتيرة يشكل خطرا حقيقيا على بقاء المجتمع وكيان الدولة.
اليوم على الأحزاب السياسية أن توجه الأطر والكوادر المنتسبة لها إلى فتح فصول دراسية من أجل المساهمة في انتشال الناشئة من هذا الضياع المحتم. فاستثمار الأحزاب السياسية في هذا المجال هو استثمار في الإنسان الذي هو غاية تلك الأحزاب ووسيلتها في تحقيق أهدافها النبيلة.
وعلى المنظمات الخيرية البحث عن موارد لفتح فصول تقدم دروس تقوية مجانية لأبناء الطبقة الهشة وهم في أمس الحاجة إلى مثل هذه الخطوة لما في تعليم الجاهل من أجر وفضل لا يجب أن يضيع على الساعي إلى الخير والعمل من أجله.
وعلى الشباب المثقف الواعي لمشاكل بلده والمتخوف مما قد ينجر عن فشل المنظومة التعليمية فيه أن ينظم كل منهم مبادرة حيث يسكن، من أجل المساهمة في تخصيص وقت مهما كان ضئيلا لتزويد تلاميذ المدارس بحصص دراسية تساهم في تغطية جوانب النقص الحاصل أو العجز الكامن في المنظومة التعليمية الوطنية.
نحن جميعا مطالبون بأن نعمل قدر الجهد من أجل أن نحفظ لهذا الوطن ثروته البشرية ما دامت ثروته المادية تحت رحمة ديناصورات تماثل حوت يونس في جودة الالتقام، وعصا موسى في سرعة الالتهام.
من المهم أن نكشف أوجه النقص ومواطن العجز وأجه الخلل فذلك واجبنا أمام الوطن وأمام الضمير. ومن الجيد أن نستخدم في ذلك شبكات التواصل الاجتماعي وأن نشهر بالمخطئ والمقصر والمفرط، لكن الأهم أن لا نتخلى عن هذه الأجيال بحجة عجز الدولة أو رفضها القيام بدورها المنوط بها في هذا المجال، يجب أن نبحث عن الحلول، وأن نعمل على تلافي ما يمكن تلافيه في ظل هذا الواقع المأساوي الذي تتعرض له أجيال وأجيال من هذا البلد، وحتى لا تغرق بنا سفينة هذا الوطن المنكوب بقيادته.
وفي إطار كشف مواطن الخلل يحسن التذكير بأن ميزانية وزارة التعليم الأساسي والثانوي في الميزانية المنصرمة زادت على 77 مليار أوقية، ومن حق الجميع أن يتساءل أن وجهت هذه الميزانية الضخمة التي لا شك أنها كفيلة بسد بعض ثغرات الفشل الذي يطبق على المنظومة التعليمية من كل الجوانب.