أبرز 5 اشتباكات مسلحة بين الدول العربية في العصر الحديث

0
340

بدت الأزمة الخليجية أزمة في بالغ الحدة لدرجة أن البعض يتوقع على حدتها احتمال تدخل عسكري سعودي إماراتي في قطر بعد رفض قطر لمطالب دور الحصار، بل إن بعض المتابعين يرون أن تلك المطالب قد صممت أساسًا بشكل لا يمكن الاستجابة له عمدًا وأن تلك المطالب ما هي سوى بالوعة للقرار الأخير وهو التدخل العسكري.

«العرب يقتلون العرب ويدمرون مدنهم وتسيل أنهار دمائهم بأيديهم»، هذه اللوحة القاتمة في الحياة العربية منذ عشرات السنون وحتى الآن تلوح بين الحين والآخر في الأفق، لها أسبابها المدفونة تحت التراب ومحركاتها المخفية عن الأنظار، لذا كان لابد لنا من الغوص قليلًا في أعماق التاريخ، لمعرفة ما يدور أمامنا فالحاضر مولود من رحم الماضي والتاريخ مدرسة لمن يريد أن يعرف الحقيقة. في هذا التقرير وفي غمرة الحديث عن احتمال وقوع تدخل عسكري في قطر، نرصد أبرز 5 اشتباكات مسلحة حدثت بين دول عربية في العصر الحديث.

حرب اليمن 1962

حرب اليمن والتي يسميها اليمنيون «ثورة 26 سبتمبر»، بدأت مع بداية الستينات واستمرت حتى عام 1967، عقب ضرب مصر فيما يسمى بـ«نكسة 67».

بدأت الحرب بمحاصرة أنصار النظام الجمهوري، قصر الإمام البدر، وسقطت المملكة المتوكلية التي كانت قائمة باليمن بعد يوم واحد، وهرب الإمام للسعودية، إلا أن بريطانيا والسعودية والأردن استمروا في دعم أنصاره حتى عام 1970، وقد تدخل جمال عبد الناصر في تلك الحرب لصالح الجمهوريين، ذلك لرؤيته أنه يستطيع كسب نقاط ضد السعودية، التي كان يرى أنها خلف فض «الوحدة» بين مصر وسوريا، وأيضا لنشر الاشتراكية وخلق أنظمة تابعة له في المنطقة العربية على منهج ما بشر له من الوحدة العربية.

كانت اليمن دولة ملكية اسمها المملكة المتوكلية اليمنية، وكانت هذه المملكة خاضعة للاستعمار البريطاني، وقد أعرب بعض أمرائها عن رغبتهم في الانضمام للجمهورية العربية المتحدة التي تكونت بين مصر وسوريا سنة 1958، وقام ملك اليمن بمهاجمتهم وطردهم من اليمن، وبعد فشل الوحدة بين مصر وسوريا سنة 1961 قاد جمال عبد الناصر حربًا شرسة ضد ملك اليمن نكاية في السعودية التي رأى أنّها أفشلت وحدته مع سوريا، وقام بمساندة المشير عبد الله السلال للقيام بانقلاب عسكري على ملك اليمن.

كانت بداية الحرب سنة 1962 واستمرت هذه الحرب حتى سنة 1970، أي لمدة ثمان سنوات وإن كان الجزء الأكبر منها قد توقف سنة 1968، بعد هزيمة مصر فيما بات يعرف بنكسة 67. هرب ملك اليمن إلى السعودية وقام بإدارة الحرب على مصر بالكامل من هناك بمساعدة سعودية أردنية بريطانية مشتركة.

انتصرت مصر عسكريًا في حرب اليمن ونشأت الجمهورية العربية اليمنية، أما تكلفة هذه الحرب اقتصاديًا على مصر، فكانت باهظة جدًا، وتتفوق على كمّ الخسائر التي منيت بها في تاريخها المعاصر كله، ففي هذه الحرب تم استنزاف طاقة الجيش المصري تمامًا وقتل ما يقرب من 26 ألف جندي مصري حتى باتت تسمى اليمن فيتنام مصر، فيما تم إنفاق 40 مليون جنيه مصري على هذه الحرب.

حرب الرمال بين المغرب والجزائر.. 1963

«المغاربة حقرونا»، هكذا عبّر الرئيس الجزائري أحمد بن بلّة في خطابه للجزائريين عما اعتبره مطامع المغرب في الصحراء الجزائرية و لعلها الجملة الأشهر التي ظلت لاصقة في أذهان من عاصروا حرب الرمال التي اندلعت بين المغرب والجزائر في أكتوبر (تشرين الأول) 1963، بعد عام وثلاثة أشهر من حصول الجزائر على الاستقلال، وبُعيد أسابيع من المناوشات الحدودية، مما أفضى إلى نزاع مسلح بين الجيشين في ضواحي منطقة تندوف وحاسي بيضة، ثم انتقلت المواجهات إلى فكيك المغربية، ولم تنته هذه الحرب إلا بعد تدخل من الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية لوقف إطلاق النار عام 1964، ولكن هذه الحرب خلفت من ورائها توترًا في العلاقة بين المغرب والجزائر نتلمسه إلى الآن.

وبالعودة إلى تفاصيل تلك الحرب، قام ملك المغرب الحسن الثاني بزيارة الجزائر بعد استقلالها مطالبا الرئيس بن بلّة بالالتزام باتفاقية معالجة مشكلة الحدود، التي وقعت قبل الاستقلال مع الحكومة الجزائرية المؤقتة، مما استدعى اندلاع حرب إعلامية بين البلدين حيث أقرت الجزائر بأن المغرب يطمع في توسعات في المنطقة ومن جهة أخرى رأى المغرب أن هذه الاتهامات المزعومة جاءت من قبل الرئيس المصري جمال عبد الناصر، الذي كان يساند الحركات الانقلابية ضد الأنظمة الملكية العربية، ويعتبرها أنظمة رجعية، ولكن حزب الاستقلال المغربي رفض موقف النظام الجزائري وما حدث من حرب إعلامية جزائرية مصرية على المغرب، في حين تم نشر خريطة للمغرب الكبير في عام 1963 لتضم المغرب ثلث الجزائر ومن هنا اندلعت الحرب حقيقة بين المغرب والجزائر إذ شنت عناصر من القوات الجزائرية هجومًا على منطقة حاسي بيضا وسقط عشرة قتلى من الجيش المغربي، فأرسلت المغرب أكثر من وفد رسمي إلى الجزائر لوقف ما حدث من هجمات ولكن دون جدوى فقد أغلقت أبواب التفاوض بين البلدين وأصبحوا على حافة الحرب.

سبتمبر 1970.. أيلول الأسود

أيلول الأسود بات ينسب به إلى شهر سبتمبر (أيلول) من عام 1970، والذي عرف أيضًا بفترة «الأحداث المؤسفة». في ذاك الشهر تحرك حسين بن طلال ملك الأردن محاولا إجهاض ما وصفها محاولة لمنظمات فلسطينية لإسقاط نظام حكمه الملكي، وتعود جذور الصراع إلى ما بعد معركة الكرامة التي حدثت بين الأردن وإسرائيل عام 1968، حيث اجتاحت إسرائيل بلدة الكرامة الأردنية كردّ فعل على الهجمات التي يشنها الفلسطينيون انطلاقًا من الاردن، ما خلص إلى خسارة إسرائيل في المعركة، هذه الحادثة خلّفت بعدها أكثر من 500 اشتباك عنيف وقع بين الفصائل الفلسطينية وقوات الأمن الأردنية ما بين منتصف عام 1968 ونهاية عام 1969.

في التاسع من يونيو (حزيران) 1970، نجى الملك حسين من محاولة فاشلة لاغتياله أثناء مرور موكبه في منطقة صويلح ومحاولة فاشلة أخرى بوسط عمان حيث قام قناص كان مختبئًا على مئذنة المسجد الحسيني بإطلاق النار على سيارة الملك واستقرت إحدى الرصاصات في ظهر زيد الرفاعي الذي كان يحاول حماية الملك وقامت مصادمات بين قوات الأمن وقوات المنظمات الفلسطينية ما بين فبراير (شباط) ويونيو (حزيران) من عام 1970 قتل فيها حوالي 1000 شخص، ليقر الملك حسين بضرورة توجيه ضربة استئصالية ضخمة إلى كل المنظمات الفلسطينية داخل المدن الأردنية.

قامت بعدها سوريا بمحاولة التدخل للدفاع عن المقاتلين الفلسطينيين، حيث أرسلت ثلاثة ألوية مدرعة ولواء كوماندوز ولواء من المقاتلين الفلسطينيين بالإضافة إلى أكثر من 200 دبابة من طراز تي-55، لتستمر الحرب شهرًا كاملًا مخلفة مقتل عشرات الآلاف معظمهم فلسطينيون، ليتم طرد المقاتلين الفلسطينيين من الأردن.

الحرب المصرية الليبية 1977

الحرب الليبية المصرية كانت حرب حدودية قصيرة الأمد بين ليبيا ومصر في يوليو (تموز) 1977، حيث تزايدت التوترات بين البلدين في أبريل (نيسان) ومايو (أيار) من نفس العام، وفي يوليو (تموز) 1977 أمر العقيد القذافي نحو 225 ألف مصري يعملون في ليبيا بمغادرة البلاد، وذلك بحلول الأول من مارس (آذار) وإلاَ واجهوا الاعتقال، بدأت بعدها معركة بأسلحة نارية بين القوات المتواجدة على الحدود بين البلدين، أتبعت بهجمات برية وجوية على الجانبين، وتم التوافق على وقف لإطلاق النار بين الجانبين في 24 يوليو (تموز) نظمت من قبل الرئيس الجزائري الرّاحل هواري بومدين.

كانت شرارة الحرب «مسيرة نحو القاهرة» قوامها آلاف المتظاهرين الليبيين تجاه الحدود المصرية يوم 20 يوليو (تموز) 1977، وذلك بإيعاز من حكومتهم التي لم يرق لها التقارب الدبلوماسي بين مصر وإسرائيل الذي بدت بوادره في ذلك الوقت، فكانت دعوى نظام الرئيس الليبي معمر القذافي إلى مسيرة لإسقاط الحدود التي يراها معيقة لنهضة الشعوب العربية واتحادها، وذلك بتحفيز وحدة شعبية عربية بين البلدين على نهج جمال عبد الناصر، الذي رأى القذافي أن الرئيس المصري أنور السادات قد فارقه، ظانًا أن الشعب المصري يستجيب بدوره بسبب ما رآه تذمرا شعبيا من عزم السادات على التصالح مع إسرائيل، وعندما أوقف حرس الحدود المصريون مسيرة المتظاهرين أطلقت وحدات مدفعية ليبية النار على السلوم الحدودية.

أثمرت وساطة الجزائر والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية عن وقف إطلاق النار يوم 24 يوليو (تموز) 1977، ثم وقف القتال يوم 25 يوليو (تموز) 1977، ورغم توقف القتال بين الدولتين إلا أن الخلاف بينهما ظل، ثم خفف تبادل الأسرى الذي جرى في أغسطس (آب) 1977 من تأزم الموقف بين مصر وليبيا.

كانت مواقف الدول العربية منقسمة ما بين الدول المحافظة المؤيدة لمصر في الدفاع عما رأته تجاوزًا لسيادتها، والدول ذات النزعة القومية التي أيدت موقف ليبيا ولم تتعاطف مع تحركات مصر نحو إسرائيل، وهو ما تبلور لاحقًا في إعلان أغلب الدول العربية مقاطعة مصر، وتجميد عضويتها في جامعة الدول العربية بعد زيارة السادات لإسرائيل وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد للسلام بينهما.

بعد مقتل السادات سنة 1981 وتولي حسني مبارك تشكل مكتب علاقات ليبي مصري برئاسة أحمد قذاف الدم القذافي لكي يكون منسقا للعلاقات بين ليبيا ومصر.

حرب الخليج الثانية

حرب خاضها تحالف دولي بقيادة أمريكا إثر غزو النظام العراقي – بزعامة الرئيس الراحل صدام حسين – للكويت 1990 بعد اتهامه لها بسرقة نفطه والتآمر ضده. دامت الحرب 40 يومًا، وأدت إلى إخراج القوات العراقية من الكويت، وتدمير القدرات العراقية العسكرية والاقتصادية، وفرض حصار قاسٍ على البلاد سبّب مأساة إنسانية كبيرة دامت سنوات.

بالعودة إلى جذور الصراع، استقلت العراق عن المملكة المتحدة عام 1932 بينما استقلت الكويت عن المملكة المتحدة عام 1961 وبعد أسبوع واحد من إعلان استقلال الكويت طالب رئيس العراق عبد الكريم قاسم بالكويت فيما عرف بأزمة عبد الكريم قاسم تدخلت الجامعة العربية وأرسلت قوات عربية من السعودية والجمهورية العربية المتحدة و السودان إلى الكويت، كانت مبررات عبد الكريم قاسم تتركز بأن الكويت كانت جزءًا من العراق وقام بفصلها الاستعمار البريطاني، وفي الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 1963 اعترف العراق باستقلال وسيادة الكويت على أراضيها وحدودها، وخلال الحرب العراقية-الإيرانية دعمت الكويت والسعودية العراق اقتصاديًا ووصلت حجم المساعدات الكويتية للعراق أثناء الحرب العراقية-الإيرانية إلى ما يقارب 14 مليار دولار.

كان العراق يأمل بدفع هذه الديون عن طريق رفع أسعار النفط بواسطة تقليل نسبة إنتاج منظمة أوبك للنفط، لكن الأسعار بقيت منخفضة مما أجبر صدام حسين على اتهام الكويت بتعمد رفع الإنتاج لتكسير بلاده، و بدأت الأحداث تأخذ منحنى تصعيديًا من قبل صدام حسين حيث بدأ العراق بتوجيه اتهامات للكويت مفادها أن الكويت قامت بأعمال تنقيب غير مرخصة عن النفط في الجانب العراقي من حقل الرميلة النفطي ويطلق عليه في الكويت حقل الرتقة وهو حقل مشترك بين الكويت والعراق، وصرح الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين أن الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت حوالي ثمانية سنوات كانت بمثابة دفاع عن البوابة الشرقية للوطن العربي حسب وصفه، وأن على الكويت والسعودية التفاوض على الديون أو إلغاء جميع ديونهما على العراق.

في الثاني من أغسطس (آب) 1990 عبرت قطاعات كبيرة من الجيش العراقي الحدود الكويتية العراقية باتجاه مدينة الكويت وتوغلت المدرعات والدبابات العراقية في العمق الكويتي وقامت بالسيطرة على مراكز رئيسية في شتى أنحاء الكويت ومن ضمنها البلاط الأميري، وأعلن الرئيس العراقي صدام حسين بعدها الكويت المحافظة التاسعة عشر للعراق. انطلق الشيخ الصباح – أمير الكويت – إلى العاصمة السعودية الرياض، وانعقدت الحكومة الكويتية في المنفى، واستمرت سيطرة العراق على الكويت لمدة سبعة أشهر.

قادت الولايات المتحدة الأمريكية تحالفًا من 38 دولة لتحرير الكويت، وسميت العملية «عاصفة الصحراء»، في مطلع فجر 16 يناير (كانون الثاني) 1991 أي بعد يوم واحد من انتهاء المهلة النهائية التي منحها مجلس الأمن للعراق لسحب قواته من الكويت شنت طائرات قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية حملة جوية مكثفة وواسعة النطاق شملت العراق كله من الشمال إلى الجنوب حيث قامت ب109,867 غارة جوية خلال 43 يوم بمعدل 2,555 غارة يوميًا، استخدم خلالها 60,624 طنًا من القنابل.

قام العراق بالرد على هذه الحملات الجوية بتوجيه سبعة صواريخ سكود إلى أهداف داخل إسرائيل في 17 يناير (كانون الثاني) 1991 في محاولة لجر إسرائيل إلى الحرب، بالإضافة إلى إطلاق صواريخ سكود على كل من مدينتي الظهران والرياض السعودية، ومن ضمن أبرز الأهداف التي أصابتها الصواريخ العراقية داخل الأراضي السعودية إصابة منطقة عسكرية أمريكية في الظهران أدت إلى مقتل 28 جنديًا أمريكيًا. شاركت دول عربية في هذه الحرب أيضًا ضد العراق، بينما تحفظت دول أخرى كالجزائر والمغرب، وأعلنت دول أخرى تأييدها للعراق مثل الأردن.

ومن بين الدول التي أرسلت قواتها لتحرير الكويت كل من مصر والسعودية ثم بقية دول الخليج، واختلفت التقارير في إحصاء الخسائر العراقية، لكنها بالمتوسط شملت ما بين 70,000 إلى 100,000 قتيل و 30,000 أسير، بالإضافة إلى تدمير 4,000 دبابة و 3100 قطعة مدفعية و 1856 عربة لنقل القوات، كما تم تدمير حوالي 240 طائرة، وكانت هذه هي الحرب العربية-العربية الأشهر والأعنف في العصر الحديث.

احتمال حدوث حرب عربية عربية جديدة في الخليج

تظل مسألة التدخل العسكري في قطر – أو في غيرها – مسألة متعلقة بالحق في التدخل وهذا الحق لا تمتلكه السعودية والإمارات لا شكلا ولا مضمونا، فالسعودية والإمارات ومن معهما هي دول مثلها مثل قطر وليس لهما صفة للتدخل في دولة أخرى، وليس الوضع كما هو في اليمن مثلا حيث كان هناك طلب من ما يسمى الحكومة الشرعية، تم بدء العمل العسكري بناء عليه بينما التدخل العسكري في قطر سيكون هدفه هو تغيير الحكومة المعترف بها وهذا الأمر ربما لن يحصد شرعية دولية كافية.

لا مجال أمام السعودية والإمارات للتدخل ضد قطر بعمل عسكري إلا بالحصول على قرار أممي يمنح لهما الحق بذلك أو يجيزه وهو أمر غاية في الصعوبة في حق قطر فلا يمكن في ظل خارطة تحالفات قطر و في ظل معادلات المنافسات الإقليمية والعالمية أن تتحصل السعودية والإمارات على مثل هذا التفويض و بشكل مطلق.

مسألة التدخل العسكري في قطر مسألة غير مطروحة الآن في نظر المراقبين، في ظل الواقع العالمي الحالي منذ البداية، فهي – كما سبق – غير ممكنة قانونًا فلا طلب من حكومة شرعية ولا قرار أممي يجيز ذلك، كما أنها غير ممكنة عسكريا في ظلّ تحالفات قطر العريضة، وآخرها القاعدة العسكرية التركية التي ستضّم خمسة آلاف جندي، إضافة إلى الموقف الأمريكي الداعي إلى حل الأزمة بالحوار وإلزام جميع الأطراف بذلك.

كان التدخل الذي لوحت به السعودية والإمارات هو العمل على تغيير الحكم القطري واستبداله بحكم آخر يكون منسجما معهما ويحقق لهما ما يريدان من تغيرات في السياسة القطرية وهذا الأمر حدوثه لم يكن ليتم على الأرجح سوى بانقلاب داخلي وليس حربًا خارجية، لكن هذا الأمر مستبعد هو الآخر نظرا لأنه يشكل خطرًا مماثلًا على الجهة المنفذة، نظرًا لأن أنظمة الحكم في الخليج ملكية، مما سيجعلها هي الأخرى في مرمى الانقلابات، لو حدث ذلك في واحدة منها.

كان التدخل بإحداث انقلاب عسكري هو الخطر الحقيقي على قطر ضمن الاحتمالات المتاحة أمام السعودية والإمارات، خصوصًا في ظل عدم وضوح الموقف الأمريكي في أيام الأزمة الأولى، وهو بالفعل ما احتاطت له قطر عن طريق حضور عسكري من تركيا للمساعدة في السيطرة في حال محاولة زعزعة الداخل القطري من جهة وكذلك الموقف السياسي الذي يحمله هذا التدخل وهو محاولة الانقلاب على تميم من جهة أخرى.

ليست قطر وحدها المهددة بالحرب أو الانقلاب في ظل الأزمة الخليجية الحالية، لكن العلاقة السعودية الإماراتية تشوبها الكثير من الشوائب ومن الملفات الشائكة، مما تجعله قريبًا من الانفجار، فمسألة اليمن وتدخل الإمارات فيها بشكل يقوض مصالح السعودية، وازدواجية الوجوه في تعامل الإمارات مع إيران، إضافة إلى تاريخ الحروب الأسود بين البلدين ربما تكون كفيلة بتفجير حرب شعواء في الخليج بين السعودية والإمارات، لو اشتعل فتيل معركة واحدة في المنطقة.

المصدر