بعد ساعات فقط من تسلمه مهامه وزيراً للداخلية في الحكومة الأولى، وفق النظام الجديد في تركيا، نفذ وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، حملة أمنية واسعة شملت اعتقال الداعية المثير للجدل «عدنان أوكتار» و234 من أتباعه، لا سيما الحسناوات اللاتي يطلق عليهن وصف «القطط».
هذه الخطوة وعلى الرغم من أنها لاقت ترحيباً واسعاً من شريحة كبيرة من الشارع التركي، إلا أنها كانت مفاجئة للكثيرين، لا سيما وأن مطالبات اعتقال أوكتار المعروف أيضاً باسم «هارون يحيى» لم تلق آذاناً صاغية عند الحكومة التركية منذ سنوات طويلة، وهو الأمر الذي فتح الباب واسعاً أمام تساؤلات حول توقيت العملية ودوافعها المباشرة.
وأوكتار الذي يصف نفسه بـ«الداعية الإسلامي» من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في تركيا، حيث يمتلك فضائية خاصة ويقدم برامج تلفزيونية يظهر فيها إلى جانب عشرات الحسناوات اللاتي يرتدن ملابس فاضحة ويحتسي الخمر، ويقول إنه مجدد، ويلتف حوله الكثير من الأتباع الذين يصفه البعض منهم بأنه «المهدي المنتظر».
وفي وقت مبكر من صباح أمس الأربعاء، بدأت وحدات كبيرة من قوى الأمن التركية، مدعومة بعربات مدرعة وطائرات مروحية بحملة أمنية واسعة شملت اعتقال أوكتار من قصره الفاره المطل على مضيق البوسفور في إسطنبول و234 من معاونيه وأتباعه الذين تتشكل أغلبيتهم من الفتيات الحسناوات اللاتي يطلق عليهن وصف «القطط».
هذا التحرك الذي قاده وزير الداخلية سليمان صويلو جاء عقب ساعات من توليه الوزارة من جديد وفق النظام الرئاسي، وهي خطوة كشفت عن التوجهات الجديدة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لا سيما فيما يتعلق بالملفات الداخلية التي استعصت عليه في السنوات الماضية.
ورأت وسائل إعلام تركية أن هذه الخطوة جاءت لإرضاء شريحة واسعة من أنصار حزب العدالة والتنمية – المحافظ – والتي تطالب منذ سنوات الحكومة بوضع حد لظاهرة «أوكتار» الذي اتهم في الآونة الأخيرة بالاستغلال الجنسي للفتيات اللاتي يحطن به، وخطف فتيات صغيرات من عائلاتهن.
لكن الاتهامات الموجهة إلى «أوكتار» والمستهدفين من هذه العملية والتي شملت إلى جانب «استغلال الأطفال جنسياً والاعتداء الجنسي، والابتزاز»، شملت «التجسس السياسي والعسكري» فتحت الباب أمام الكثير من الاحتمالات، وأعادت إلى الواجهة الاتهامات السابقة لـ«أوكتار» بالتعاون مع إسرائيل.
وفي عام 2015، دعا أوكتار رئيس ما يسمى بـ«صندوق ميراث الهيكل» المتطرف اليهودي «يهودا غليك» إلى مائدة إفطار رمضانية في إسطنبول. وأعرب له عن «موقفه الحاد ضد كل أنواع العنف التي ترتكب باسم الله، وأكد أنه لا يملك أحد الحق في المس بيهودي». وقال غليك إن أوكتار «لا يرى أي سبب يمنع صلاة اليهود والمسيحيين في الهيكل (الحرم القدسي)».
وتضمنت لائحة الاتهامات التي ستوجه إلى أوكتار وأتباعه «تأسيس تنظيم لارتكاب جرائم، واستغلال الأطفال جنسيًا، والاعتداء الجنسي»، إلى جانب «استغلال المشاعر والمعتقدات الدينية بغرض الاحتيال، وانتهاك حرمة الحياة الخاصة، والتزوير، ومخالفة قوانين مكافحة الإرهاب والتهريب، من خلال تنظيم يحمل اسم عدنان أوكتار». وفي وقت لاحق أعلن القضاء التركي تجميد جميع الممتلكات والأرصدة المالية للمعتقلين وعلى رأسهم أوكتار الذي يمتلك شركات تقدر قيمتها بملايين الدولارات.
ويظهر أوكتار في برنامجه ليشرح مبادئ الشريعة الإسلامية وقيم التسامح بمشاركة راقصات وفنانات مرتديات ملابس مثيرة وأمامهن زجاجات الخمر.
وكان المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون التركي أصدر في شباط/ فبراير الماضي أمرا بوقف بث القناة ( A9 ) التي يمتلكها أوكتار وفرض غرامة قدرها 5 في المئة من إيرادات الإعلانات. كما أن أوكتار الذي تحيط به مئات الفتيات الفاتنات يدعي أنه يرفض الزواج لانشغاله بالفكر.
ومنذ عام 1980استطاع أوكتار جذب العديد من الأتباع من خلال جماعة دينية صغيرة أثناء دراسته في جامعة إسطنبول، حيث كان يصف نفسه حينها بالمفكر المعادي للماسونية والشيوعية، بجانب تأليفه كتابا مكونا من 550 صفحة يدعي فيه اختراق اليهود والماسونيين مؤسسات الدولة التركية بهدف «تقويض القيم الروحية والدينية والأخلاقية للشعب التركي»، قبل أن يتهم بالتحريض على ثورة دينية وسجن على إثرها 19 شهرا قضى 10 منها في مصحة نفسية، حيث شُخصت حالته هناك بأنها اضطراب الوسواس القهري والشيزوفرينيا، رغم أن له مئات الكتب والمقالات التي ترجمت إلى الكثير من اللغات حول العالم.
القدس العربي