ولد السياسي ورجل الأعمال الشهير بمب ولد سيدي بادي على علب لمبطط بلتفتار في تگانت لأسرة فقيرة، كان رجلا عصاميا تلقى تعليمه الإبتدائي في أطار، وانخرط في العمل السياسي يافعا في مدينة أكجوجت، انتمى سنة ١٩٥٦ لحزب الوفاق ، و كان من المشاركين في اقتراع 1956 في أگجوجت ، ممثلا للمناضل أحمدو ولد حرمة ولد ببانه رحمه الله، مع رفاقه حمزه ولد مولاي و أحمد بابه ولد احمد مسكه وسيد المختار ولد فيس ومحمد الامين ولد بلاهي.
انخرط في حزب النهضة وكان لصيقا بمؤسسه المرحوم بياگي ولد عابدين.
أسس أول اتحادية وطنية للنقل سنة ١٩٦١
اعتقل غبّ أحداث ١٩٦٦ وبعد انقلاب ١٦ مارس ١٩٨١.
بدأ “تيفايا” لمواد بسيطة، ثم حصل على رخصة سياقة في مدينة تجگجه سنة ١٩٥٦ وفي سنة ١٩٥٧ استطاع شراء شاحنة من طراز ستروين “T 46” أو ما يعرف حينها بوتات لحموم فمارس النقل والتجارة وكان شجاعا فحين رفض السائقون السنغاليون خوض غمار مفاوز الصحراء بين أطار وييرأم گرين خاض هو التجربة.
ودخل منتصف ستينات القرن الماضي مجال المقاولة، وتولى بناء المستشفى الوطني، وعمارة آفاركو، والثانوية الفنية، والمدرسة العليا للأساتذة، ومكاتب سونمكس في كل التراب الوطني، ومقرها الرسمي في انواكشوط، وعامة المدارس الحكومية الممولة من الصندوق الأوروبي للتنمية، وكانصادو، وصندوق الضمان الإجتماعي، ومبنى المتفجرات في انواذيبو وعدة أحياء عمالية في مدينة انواذيبو منها حي لعريگيب وسيت كرتو في انواذيبو، وفي الخارج في ماننتالي بني أكثر من 600 وحدة سكنية وشيد سدودا في مالي وله الكثير من المقاولات الأخرى، كما كان المورد الرئيسي لشاحنات الجيش.
مارس بمب السياسة و واجه العديد من المضايقات وظل صامدا وبعد انقلاب ١٩٨٤ وجد بمب نفسه خارج دائرة رجال الأعمال النافذين.
عمل رجال أعمال مقربون من نظام ولد الطايع على إفقاره فقادوا حملة ضد شاحنات “مان -MAN” التي يمثلها فوضعوا عند مخارج العاصمة شاحنات منها مقلوبة فأصبح كل خارج من العاصمة أو داخل إليها حين يرى شاحنة من نوع “مان” مقلوبة يضع سبابته على لسانه ويدسها في التراب مستعيذا من شؤم “مان”.
ثم عمدوا إلى كميات كبيرة من الألبان التي ينتجها مصنعه “التاديت” فخزنوها حتى أصبحت غير صالحة للاستعمال ثم أغرقوا بها السوق بسعر مغر ليشتريها الناس وكلما فتح أحد علبة منها وجدها مزبدة كلبن الرحيل فتناذرت الناس لبن “التاديت” فاضطر بمب لإغلاق المصنع.
ترشح بمب ضد معاوية ولد الطايع في رئاسيات 1991 ثم تنازل لصالح مرشح المعارضة الموحد الرئيس أحمد ولد داداه.
قال البعض عن ترشحه ذلك ضد معاوية ومعارضته له: “منصابلو يويلو مگلوع لبنو”.
ويعتبر بمب ولد سيدي بادي أول موريتاني تجرأ على الوقوف أمام المستعمر في خمسينات القرن الماضي وقد قام بضرب أحد الضباط القرنسيين حتى أوشك على الهلاك.
/
حدّث بمب في مذكراته عن فك الحصار عن تيشيت 1977 قال:
لقد أخبرني وزير الداخلية أحمد ولد محمد صالح بهذا الأمر المؤسف ذات فجر، في نزل للوالدة شمالي نواكشوط، كان أحمد مصحوبا بشرطي من أقاربه يعمل مرافقا أمنيا له، كنت ليلتها مع الوالدة، فزارنا أحمد عند الساعة الثالثة فجرا، وطلب من والدتي إيقاظي.
أيقظتني الوالدة، وأخبرتني أن أحمد ولد محمد صالح يريدني، عرفت أن الأمر جلل، سلمت عليه فقال لي: طلب مني الرئيس المختار ولد داداه أن أذهب إليك حالا فقد كنت وإياه في اجتماع مع وزير التجارة سيدي ولد الشيخ عبد الله، ووزير النقل عبد الله ولد أباه لنقاش وضعية تيشيت التي لم يعد فيها أي طعام باستثناء بعض علب “امبسكيت سرقلة” وعلب الساردين التي ترميها لهم طائرات عسكرية، وذلك بسبب حصار البوليساريو.
قلت له: أنا في الخدمة، سأوقظ أحد عمال المنزل لكي يعد الشاي، فقال لي: دعهم نائمين وطلب من مرافقه أن يعد الشاي، فهمت أن أحمد لم يكن يريد أن يطلع أحد على زيارته ولذلك اختار وقتا متأخرا، كما لا يريد أن يعلم أحد بمضمون الزيارة، وقد كان رجلا حصيفا بل رجل أمن من الطراز العالي جدا.
وقد طلبت من وزير الداخلية أن يحدد لي المطلوب مني بشكل كامل ومحدد
قال لي: يوم الأحد ستكون على اتصال بمدير الميناء مالوكيف ولد الحسن سيفتح لك مخازن الميناء وتوفر أنت شحن المواد الغذائية ونقلها إلى تيشيت.
ثانيا أن تعطي شاحنة لمحمد الأمين ولد الشريف المختار، فقد اعتدى عناصر البوليساريو على شاحنته التي كانت تمون مدينة تيشيت وضواحيها بالمواد الغذائية والقماش والحاجيات المختلفة.
في صباح الأحد، وكان يوم عطلة توجهت بالشاحنات إلى الميناء، حيث وجدت في استقبالي مديره مالوكيف ولد الحسن، وبدأ العمال شحن المواد الغذائية والزيت والقماش وغيره من حاجيات المدينة المحاصرة، وكان المجموع 300 طن من مختلف المواد موزعة على 27 سيارة.
وفي المساء أنهى العمال الشحن، وبدأنا الانطلاقة كنا نحمل أوراقا رسمية على أننا متجهون إلى مدينة النعمة في أقصى الشرق الموريتاني، وقد أكد الرئيس المختار رحمه الله على ضرورة التكتم الشديد على مسار الرحلة، وظل الأمر محصورا على المستوى الحكومي في دائرة ضيقة هي:
الرئيس المختار ولد داداه رحمه الله
وزير الداخلية أحمد ولد محمد صالح
وزير الدفاع محمذن ولد باباه
وزير الدولة للتجارة سيدي ولد الشيخ عبد الله
قائد الأركان حمود ولد الناجي رحمه الله
قائد كتيبة الجيش في تجگجة المرحوم أحمد ولد منيه
مدير الميناء مالوكيف ولد الحسن
هذا بالإضافة إلى رجل الأعمال المرحوم محمد الأمين ولد الشريف المختار وقد طلب منه وزير الداخلية التكتم الكامل على القصة.
أما السائقون فلم يكونوا يعرفون وجهتهم الحقيقية بعد أن أخبرتهم أننا متجهون إلى النعمة.
انطلقنا في ساعة متأخرة من مساء يوم الأحد، وبتنا ليلتها في صنگرافة التي وصلناها فجرا، ذبحنا ستة كباش، في مأدبة أقمناها لصالح السائقين ضمن تهيئتهم نفسيا للمغامرة التي سينخرطون فيها.
وفي منطقة تسمى لعگيلة تقع بين لتفتار والمجرية، أبلغت السائقين بوجهتهم ومهمتهم، فلم يعترضوا وبدأ الميكانيكيون في انتزاع أضواء السيارات ومكابحها.
وبعد طلوع الشمس وصلنا إلى المجربة بعد أن كانت سياراتنا أول سيارات تجتاز مرتفع آشتف الخطير، وفي الساعة الخامسة إلا ربعا وصلنا تجگجة، وفي إحدى محطات الرحلة تطلب الأمر عدة ساعات لشق ممر جبلي
في تجگجة استقبلنا المرحوم أحمد ولد منيه، وتم حجز السيارات داخل ثكنة الجيش، ومنها انطلقت صباحا إلى تيشيت لتصلها الثالثة صباحا وذلك تحت حماية من طائرة عسكرية كانت تحلق فوق مسار السيارات
تلقى أهل تيشيت القافلة بفرح شديد، أما أنا فقد غادرت من تجكجة في اليوم الموالي عائدا إلى نواكشوط.