الإمارات وموريتانيا.. إرث السلف وبرور الخلف

0
289

 

تبنى العلاقات الدبلوماسية بين الدول على أسس كثيرة ومتنوعة، إلا أنها في الغالب ترتكز حين السعي نحو تعميقها وتجذيرها، على قواسم مشتركة بين الشعوب، لكن العنصر الحاسم دوماً في العلاقات بين الدول هو العلاقة الشخصية التي تربط قادتها، فهو العامل الذي يقوي الوشائج ويعزز العلاقات لتكون ثمرتها أسرع وتأثيرها مباشرا على الشعوب، وقد كانت الزيارة الأخيرة للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إلى دولة الإمارات العربية المتحدة دليلاً واضحاً ومثالاً ساطعاً على ذلك.

إن اختيار الرئيس الموريتاني دولة الإمارات العربية المتحدة لتكون وجهتَه الأولى، في أول زيارة رسمية خارجية بعد انتخابه، يحمل دلالة قوية على حضور الجانب الشخصي من العلاقة التي تربط الرئيس الموريتاني بولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد وقد انعكس ذلك جلياً في حفاوة الاستقبال التي حظي بها الرئيس الموريتاني في العاصمة الإماراتية أبوظبي من طرف الشيخ محمد بن زايد، ثم في إمارة دبي من طرف رئيس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد.

جميع تفاصيل الاستقبال الكبير، وكل مظاهر البهجة والترحيب بولد الشيخ الغزواني تعني أن العلاقات الموريتانية – الإماراتية دخلت مرحلة جديدة، لا تُمكنُ مقارنتُها إلا ببدايات تلك العلاقة التي نسجها الأبوان المؤسسان للدولتين الشيخ زايد والمختار ولد داداه رحمهما الله.

واجه مؤسس الدولة الموريتانية المختار ولد داداه معوقاتٍ كثيرة، وهو يضع اللبنات الأولى لبناء الدولة الموريتانية، بسبب شح الموارد وضعف البنى التحتية، وصعوبة الظروف الإقليمية، ومن أكبر التحديات ساعتها، ربطُ العاصمة الموريتانية نواكشوط ببقية مدن البلاد، في مسعى لفك العزلة عن الأقاليم الموريتانية مترامية الأطراف.

وضع فريقُ المختار خطةً لإنشاء طريق، سمّاه “طريق الأمل” يمتد من العاصمة نواكشوط، على شاطئ المحيط الأطلسي، إلى مدينة النعمة، في أقصى الشرق الموريتاني، بالقرب من الحدود مع مالي، وبمسافة تُقارب 1200 كلم.

تبنى العلاقات الدبلماسية بين الدول على أسس كثيرة ومتنوعة، إلا أنها في الغالب ترتكز حين السعي نحو تعميقها وتجذيرها، على قواسم مشتركة بين الشعوب، لكن العنصر الحاسم دوماً في العلاقات بين الدول هو العلاقة الشخصية التي تربط قادتها، فهو العامل الذي يقوي الوشائج ويعزز العلاقات لتكون ثمرتها أسرع وتأثيرها مباشرا على الشعوب، وقد كانت الزيارة الأخيرة للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إلى دولة الإمارات العربية المتحدة دليلاً واضحاً ومثالاً ساطعاً على ذلك.

إن اختيار الرئيس الموريتاني دولة الإمارات العربية المتحدة لتكون وجهتَه الأولى، في أول زيارة رسمية خارجية بعد انتخابه، يحمل دلالة قوية على حضور الجانب الشخصي من العلاقة التي تربط الرئيس الموريتاني بولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد وقد انعكس ذلك جلياً في حفاوة الاستقبال التي حظي بها الرئيس الموريتاني في العاصمة الإماراتية أبوظبي من طرف الشيخ محمد بن زايد، ثم في إمارة دبي من طرف رئيس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد.

جميع تفاصيل الاستقبال الكبير، وكل مظاهر البهجة والترحيب بولد الشيخ الغزواني تعني أن العلاقات الموريتانية – الإماراتية دخلت مرحلة جديدة، لا تُمكنُ مقارنتُها إلا ببدايات تلك العلاقة التي نسجها الأبوان المؤسسان للدولتين الشيخ زايد والمختار ولد داداه رحمهما الله.

واجه مؤسس الدولة الموريتانية المختار ولد داداه معوقاتٍ كثيرة، وهو يضع اللبنات الأولى لبناء الدولة الموريتانية، بسبب شح الموارد وضعف البنى التحتية، وصعوبة الظروف الإقليمية، ومن أكبر التحديات ساعتها، ربطُ العاصمة الموريتانية نواكشوط ببقية مدن البلاد، في مسعى لفك العزلة عن الأقاليم الموريتانية مترامية الأطراف.

وضع فريقُ المختار خطةً لإنشاء طريق، سمّاه “طريق الأمل” يمتد من العاصمة نواكشوط، على شاطئ المحيط الأطلسي، إلى مدينة النعمة، في أقصى الشرق الموريتاني، بالقرب من الحدود مع مالي، وبمسافة تُقارب 1200 كلم.

من حسن حظ المختار وموريتانيا أنّ رجلاً آخرَ، بصدد تأسيس دولة، في الطرف الآخر من الوطن العربي هَمُه الأول هو مساعدة الآخرين.. لم يكن هذا الرجل سوى الشيخ زايد، الذي كان يعمل دون كلل على تأسيس بلده، وعينُه في الوقت ذاته على المُحتاج من أشقائه العرب وغير العرب.

قدم الشيخ زايد رحمه الله 40 مليون درهم لتمويل جزء كبير من “طريق الأمل”، وكان لذلك القرار بالغ الأثر في نفوس الموريتانيين، إذ إن الطرق شريانُ حياة بالنسبة لبلد يحبو على درب البناء، وشعب يُعاني، آنذاك، من التنقل لمسافات بعيدة بين شرق البلاد وغربها على ظهور الدواب.

لا شك أن العلاقة الشخصية بين المختار ولد داداه والشيخ زايد رحمهما الله كانت تتميز بكيمياء خاصة تربط الرجلين الاستثنائيين حقيقة، إلا أن تلك العلاقة تكللت، في ظروف صعبة، بالزيارة الرسمية التي قام بها المختار لدولة الإمارات خلال شهر أبريل/نيسان من عام 1974، رد الشيخ زايد بزيارة رسمية للعاصمة الموريتانية نواكشوط بعد أربعة أشهر من العام نفسه، لقي خلالها الحفاوة الأصيلة، والتقدير، والترحيب الحار.

كان للأيام الثلاثة التي قضاها الشيخ زايد بين أهله وناسه في موريتانيا ما بعدها في غرس علاقات تجذرت بين الشعوب من خلال جالية موريتانية كبيرة ومتنوعة، حيث استقطبت الإمارات مجموعات من الشرطة والقضاة والمفتين وأئمة المساجد، إلا أن الشيخ زايد رحمة الله عليه فتح باباً لمجموعة كبيرة من الموريتانيين الفقراء الذي لا يملكون أي مقومات علمية، فوفر لهم فرصا للعمل في دائرته الخاصة، ومنحهم رواتب تعادل في ذلك الوقت رواتب وزراء في بلدهم، وعادت هذه الخطوة بالخير الكثير على مئات الأسر الفقيرة، وما ذلك إلا غيض من فيض الشيخ زايد على مختلف شرائح وفئات الشعب الموريتاني.

أمام هذه العلاقات الأخوية التاريخية المتينة والمتجذرة اليوم فرص عديدة ومتنوعة لتعميقها ولتعزيز التعاون في مختلف مجالاتها، كما أعلن عن ذلك الشيخ محمد بن زايد، وما من شك في أن متانة العلاقات الشخصية بين الشيخ محمد والرئيس غزواني ستنعكس إيجاباً على بلدنا، الذي لا يزال بحاجة لكثير مما استطاعت دولة الإمارات النجاح فيه، بل الوصول فيه إلى الصدارة عالمياً.

وإجمالاً، فإن زيارة الرئيس غزواني لدولة الإمارات كانت زيارة أخ لأخيه، بدليل ما تمخضت عنه من اتفاقيات عديدة لصالح الشعبين، وبدليل توجه رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد حفظه الله بتخصيص ملياري دولار لإقامة مشاريع استثمارية وتنموية في موريتانيا.

أحيا الشيخ محمد بن زايد وولد الغزواني وداً قديما بين المؤسسين الشيخ زايد والمختار ولد داداه، وبين شعبين يشتركان في موروث شعبي متقارب إلى حدٍ بعيد، لكن الأهم من كل ذلك أن الدفعة الجديدة القوية في العلاقات بين نواكشوط وأبوظبي تأوي إلى ركن شديد من العلاقات الشخصية والتنسيق المتواصل والتقدير المتبادل بين الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني والشيخ محمد بن زايد.. ثم إنها برور بالآباء المؤسسين.

الشيخ بن سالك