قبل عشر سنوات، ولدت مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية (ايرا). وعلي الفور، اعتبر النظام القائم أن هذه الحركة مجرد عامل تخريب اجتماعي وركيزة هدم أيديولوجي.
ومن حينها، عملت الفصائل التي حازت بدانتها منذ قرون داخل جُبّة نظام الظلم والمراوغة والزوار في المجتمع و الدولة، علي إبقاء انطلاقتنا رهن حالة من اللاشرعية المحافظ عليها بعناية فائقة. وإدراكا منهم لأهمية إقصائنا بشكل أفضل، كان يتوجب تركنا علي مسافة من الكلمة المشروعة، اذن بعيدا من منابر الخطابة حيث يمنحون أنفسهم بعض المصداقية أي غرف البرلمان والمجالس المحلية في الريف و المدن. ومن أجل تحقيق رغبتهم الكامنة في المصادرة، تمكّن متعصبو الماضي، وخُدّام الاستثناء اللاديمقراطي، وعلماء المتاجرة بالمُقدّس -وهم في الحقيقة باعة المَعْبَد بالمعنى المسيحي- وكافة الأشخاص المسكونين بتكريس وإعادة إنتاج مؤسسة الرق والفئات، من جعلنا ننزوي في الهوامش، مستغلين، لأجل ذلك، القانون الموجه والقوة الغاشمة وأحكام الجمهور المسبقة.
وتساهم مصالح الأمن السياسي وغالبية الصحافة الخانعة في إرغامنا علي أن نكون منبوذين علي وجه يجعل نظام الهيمنة يدين فينا ميلنا الي القطيعة مع ثقافة القطيع المسكين و المولع بتقليد الجلاء المتغلب. ولمنعنا من تضخيم صَدَي القيّم الكونية، والتقاسم الانساني، والانفتاح الثابت علي العالم الخارجي، والترفع الأخلاقي باقتناء المعرفة، والعمل والجدارة دون نجدة من الولادة أو عرقلة منها، أبقانا المهيمنون في الوضعية الصبيانية لقاصر يتنهد، يندفع، ثم يسقط خارج المضمار.
القذف، الاستفزاز، التسلل داخل صفوفنا، الافتراء، حملات السّحْل الإعلامي، الخطب في مساجد التطرف.. لم ننج من أي إلهاء، وكثيرا ما نتعثر في هذا الشرَك المنصوب لنا على الدوام لدرجة أننا نخسر فيه طاقتنا ومواهبنا وقدرتنا على إحياء الأمل. ومع بعثرتنا وتغييب أصواتنا، لا شك أننا ربحنا معركة تثبيت قناعات جُموعنا والأمم الحرة، غير أننا نظل مكمّمين بين ظهرانينا وعلي عتبة التجمعات المحلية والبرلمان. أمَا وقد أخذنا العبرة اليوم، فإنه من حقنا أن نترجمها في ميدان التنافس عبر صناديق الاقتراع بحثا عن المقاعد.
وانطلاقا من التنوع الذي يفرضه تعقيد الكفاح وعنف الخصم، فإن فصيلا مستقلا عن المنظمة الحقوقية (إيرا) دعاكم اليوم لحضور الحفل المكرس لاتفاقه مع حزب الصواب. ان الاتفاق المحدود، زمانيا ومكانيا، أو المستمر يشكل تقدما نوعيا علي درب النضج. وسنربط حبل الوصل بالعديد من التشكيلات السياسية، المدنية والشبابية، كلما سنحت الفرصة لتعزيز دينامية التقدم من أجل موريتانيا متحررة من الشعبوية والعنصرية والغلو الديني: خمائر السلب الثلاث التي تصرف انتباه البسطاء، طريحي الفراش والجوعي، عن ماهية معاناتهم وغضبهم.
فلنتقدم، في صفوف متراصّة، ضد تحالف الرجعية والتنكر.
نواكشوط بتاريخ 31 مايو 2018
المصدر: 27 إبريل