السفيرة الألمانية: السياسيين بموريتانيا أمام نقطة تحول (مقابلة)

0
238

قالت السفيرة الألمانية في نواكشوط غابرييلا ليندا غيليل إن الفاعلين السياسيين الموريتانيين أمام نقطة تحول، وإنها أحيطت علما بأن الرئيس محمد ولد عبد العزيز، جدد خلال ذكرى عيد المولد النبوي بولاته، بأنه لن يترشح للانتخابات القادمة “وبالتالي ينبغي احترام هذا القرار، الذي يدخل في إطار التزام مرتبط بدولة القانون، ومبدأ الديمقراطية، ونتمنى أن تكون الانتخابات شاملة، وأن يمر التناوب في جو من الثقة، والوئام الوطني”.

وقالت الدبلوماسية الألمانية في مقابلة مع الأخبار، إنها تستطيع القول، إن سبتمبر الأخيرة جرت بطريقة محترمة “وكانت هناك طعون أدت إلى جولة ثالثة، طبقا للإجراءات الدستورية. لذا أعتقد أن الشروط متضافرة من أجل الظفر بدعم الاتحاد الأوروبي” للانتخابات القادمة.

وجاء في نص المقابلة

ـكيف ترون إطار التعاون بين موريتانيا وألمانيا؟

لدينا أولويات، تقررت بالشراكة مع الحكومة الموريتانية، تخص القطاعات الرئيسة، التي تتوفر فيها ألمانيا على قدرات خاصة، كالتكوين المهني، حيث إن معظم الموريتانيين شباب، وهم بحاجة إلى تكوين يضمن مستقبلهم. وبالإضافة إلى ذلك، فإن لنا مشاركة في مجال الصيد، من خلال حماية الموارد السمكية، ليس فقط لصالح الطيور، والحيوانات البحرية، ولكن أيضا لصالح السكان، الذين يعتمدون على هذه الموارد، وكذا بالنسبة للقرويين، الذين يساعدوننا على استغلال هذه الموارد، دون استنفادها.

نحن نشتغل كذلك من أجل تعزيز قدرات الإدارة الموريتانية، ويتعلق الأمر بالنسبة لألمانيا بتقديم مساهمة بناءة وإيجابية، من أجل التطور والتقدم التقني، دون التورط كثيرا في السياسة.

وفضلا عن ذلك، فإن لنا مشاركة في الصحة، ولكن على الصعيد الدولي، ومن خلال مساهمتنا بمنظمة الصحة العالمية، فعلى سبيل المثال لنا مشاركة في محاربة الأمراض الوبائية. كما أننا نهتم بالأمن، ولكن غالبا في الإطار الإقليمي أو الدولي.

ـ هل يمكنكم أن تقدموا لنا أرقاما حول حجم التبادل التجاري بين موريتانيا وألمانيا؟

لا أريد الكشف عن أرقام على بعد أسبوع من مفاوضات ثنائية بين ألمانيا وموريتانيا، منتظرة يومي 10 و11 دجمبر الجاري بنواكشوط.

لم تذكروا قطاع الطاقة.

إن كل ما يخص القطاع الاقتصادي يعتبره الألمان مستقلا، ويطلب منا أحيانا كممثلين للبلد، تشجيع هذا القطاع، أو ذاك لجلب المزيد من الاستثمارات، لكن إمكاناتنا محدودة، ففي ألمانيا من يمارسون الأعمال يتمتعون باستقلال ذاتي، فهم لا ينتظرون أن تخبرهم الحكومة بوجود إمكانات أو فرص في مكان ما، لأنهم على دراية بذلك.

ولكن من حيث الشروط، يمكنهم الذهاب إلينا والقول: من الضروري أن يحسن شريك ما شروطا معينة، وإلا فلن نأتي. وهنا نكون نحن في فخ لأنه يجب أن نرسل هذا النقد، الذي يكون قاسيا في بعض الأحيان، إلى شركائنا المحليين، ولكن ليس بمعنى التعاون.

ـ اجتماع المانحين لدول الساحل

لقد حددنا للتو قائمة بأولوياتنا، بحجم تمويل يصل 1.800 مليار يورو، ولا يشمل ذلك المشاريع الكبيرة، وبخصوص تمويل قوة الساحل الخمس، هناك بعض الإحراج من جانبي، بصراحة، لأنني أرغب في الاستجابة بشكل كبير لمطلب شركائنا بدول الخمس، والذين هم بحاجة إلى دعم، ويبحثون عن نتائج ملموسة، لا إلى وعود غامضة، ولهذا السبب، طلبنا من حكومتنا إظهار فعالية أكبر.

ـ هل أنتم راضون عن مستوى جاهزية القوة المشتركة، التي تستعد للانطلاق؟

لا أريد الإجابة عل حكم عام، من خلال الحديث عن جيد أو سيء، فهذا مسار معقد للغاية، ينضاف إليه تدخل أصحاب المصالح، ولكن بالفعل هناك تعاون بين الدول، التي تواجه صعوبات.

إن موريتانيا توجد في وضعية مريحة نسبيا، بالمقارنة مع الدول الأخرى، فمالي مشتعلة، والوضع ببوركينافاسو بدأ في الاشتعال، ومنذ بعض الوقت الوضع سيء في اتشاد.

إن الظاهرة والسياق، يختلفان من بلد إلى آخر، ولكن الدول الخمس فيما يبدو مصممة على القيام بعمل مشترك، وهذا مشجع. فحتى على مستوانا نحن، حلف شمال الأطلسي الناتو، أخذ الكثير من الوقت والمال.

إن الفصل 7 الخاص بالتمويل الدائم للقوة، يضعنا أمام واقع عالمي، فطالما أن الأعضاء الخمسة بمجلس الأمن الدولي، لم يوافقوا جميعهم، فلن يكون هناك تمويل دائم، بفعل حق الفيتو.

إن السياق العام اليوم ليس مواتيا لحل وسط، فالولايات المتحدة الأمريكية صرحت في مناسبات عدة، بأنها لا تريد الآن مشاركة أكثر فعالية، مع إمكانية الانسحاب. وفي بعض الأحيان، يتم تعيين البعثات لمرحلة انتقالية، بعد أن يكون هناك سبب للحفاظ عليها، والفرق مع بعثات حفظ السلام الأخرى، هو أن العسكريين يبتعثوا خارج بلدانهم، أما بالنسبة لقوة الساحل الخمس، فهي تحالف بين جيران، وليست بعثة لحفظ السلام.

ومن هذا المنطلق، فإنه هناك أعضاء بالمجتمع الدولي، لا يريدون تمويل أمن الدول، فالأمر يبدو، كما لو أننا ندعو إلى تمويل جزء من جيشنا، قائلين إنه يحمينا من خطر سياسي.

ـ متى ستصبح القوة المشتركة جاهزة؟

لا يمكنني أن أجيب على هذا السؤال، ولكن نتمنى أن يكون ذلك قريبا، وفي أسرع وقت. على مستوى التجهيزات، هناك حاجة لدعم مالي، وهو شرط أساسي لبدء القوات عملها، نحن مقتنعون أن الجنرال الموريتاني حننا ولد سيدي، سيعمل خلال مأموريته على تسريع تشغيل القوة المشتركة. فالجنرال، شخصية محترمة، ولكنه لا يملك المعدات اللازمة، ولا الرجال للقيام بتدخلات.

إن القوة المشتركة تتكون من وحدات وطنية، وتواجه صعوبات لوجستية، فإذا كان مثلا الأمني الدائم لمجموعة دول الساحل الخمس، بحاجة إلى مباحثات مستعجلة مع الجنرال حننا، ليس هناك نقل جوي من أجل أن يلتقي الاثنان فورا.

إن الجميع على معرفة بالروابط التي تربط بين باماكو ونواكشوط، وآمل أن يتمكن الشركاء في محاربة التطرف من المساهمة في محاربته بشكل أكبر.

ـ موقف ألمانيا من أوضاع حقوق الإنسان واعتقال بيرام

إن اعتقال نائب، دون إدانته أمر مدهش، وفيما يبدو فإن الملابسات تكتسي طابعا خصوصيا، ومن وجهة نظري ينبغي احترام القانون، ولكن أيضا البحث عن حل.

فهل لا توجد إمكانية لتسريع المسار؟ وهل لا توجد إمكانية تعليق المتابعات على ضوء الحالة الصحية لبيرام؟ وهل لا يوجد حل يحترم القانون الموريتاني؟ لست قاض، ولكن أنا متأكدة من أنه يمكن إيجاد حل مشرف وسيادي، ويتوقف ذلك على إرادة مختلف الأطراف، إضافة إلى التعاون من طرف المعني، الذي يعاني من ظرف المعتقل.

وسيكون من مصلحة موريتانيا، إيجاد طريقة للخروج من هذه القضية، مع جلب المزيد من الاحترام، والاهتمام الدولي الإيجابي.

ـ التناوب 2019

إن الفاعلين السياسيين الموريتانيين أمام نقطة تحول، لقد أحطت علما بأن فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، جدد خلال ذكرى عيد المولد النبوي بولاته، بأنه لن يترشح للانتخابات القادمة. وبالتالي ينبغي احترام هذا القرار، الذي يدخل في إطار التزام مرتبط بدولة القانون، ومبدأ الديمقراطية، ونتمنى أن تكون الانتخابات شاملة، وأن يمر التناوب في جو من الثقة، والوئام الوطني.

ـ لقد صرح رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لوكالة الأخبار بأن الاتحاد الأوروبي مستعد لدعم الجدول الانتخابي والمطالب الملموسة.

لقد جرت انتخابات سبتمبر بطريقة أجرؤ على القول إنها محترمة، وكانت هناك طعون أدت إلى جولة ثالثة، طبقا للإجراءات الدستورية. لذا أعتقد أن الشروط متضافرة من أجل الظفر بدعم الاتحاد الأوروبي.

ـ لماذا استمرار التصنيف في المنطقة الحمراء؟

إن التصنيف في المنطقة الحمراء، ليس لوحة، تعلق عليها واجهة أي بلد، إنه نتاج تحليل عميق ومراقبة مستمرة، ورصد من طرف مختصين، حتى وإن وقعوا في أخطاء. ويمكن القول إن اعتبار موريتانيا بلدا يشكل خطرا عاليا، مبالغ فيه بعض الشيء.

إذا اعتبرنا أن السياحة تسهم في رفع مستوى دخل السكان، والدولة، فإنه ينبغي تطويرها، لكن التحذير من أن المناطق التي تجذب السياح، لا تنبغي زيارتها، يبدو متناقضا. ولكن هناك معايير موضوعية يتم تطبيقها، ومع ذلك، يمكن أن نحاول تأمين الأرواح، من خلال تجنب وضع الزيت على النار.

يمكنني على سبيل المثال السفر عبر البلاد، والقول إنه لم يكن هناك أي حادث في تجربتي الخاصة. وإذ كنا عازمين على تحسين صورة البلد وفقط، فإننا سنفقد المصداقية، إذا وقع شيء ما، واسمحوا لي هنا أن أشيد بإطلاق رحلة نحو الشمال، من طرف مشغل فرنسي، لأن ذلك يعتبر مؤشرا مهما، فينبغي أن يتم التوسع بشكل تدريجي، ويبدو أن الهجرة الإسبانية تعتبر الشريك الأكثر اهتماما.

كما أن ألمانيا تقدم دعما لوجستيا لمحاربة الهجرة غير الشرعية، فعلى سبيل المثال نحن نقدم معدات للشرطة الوطنية، فضلا عن التزام الاتحاد الأوربي الدعم في كل ما يتعلق بالهجرة.

إن العمل المشترك يعتبر أولوية بالنسبة لنا، ونحن ندرك أن موريتانيا يمكنها أن تساعدنا في حل قضية الهجرة، التي تهمنا كثيرا.

ـ هل من شيء ما أثار انتباهك في موريتانيا؟

أقدر كثيرا حسن الضيافة، لقد تلقيت ترحيبا حارا، ولاحظت وجود تعاط متبادل، بل على العكس، فهم يشرحون لي الأشياء، وهو ما يسهل مهمتي. إن لموريتانيا تاريخا مهما، وطبيعة جميلة، وساكنة تتميز بتنوعها، وسأحترم هذا التنوع في علاقاتي مع الموريتانيين.

وفي إطار ممارسة مهامي، أتوجه بالمقام الأول نحو الحكومة، والسلطة، ولكن أيضا نحو كل أولئك الذين يرغبون في التواصل معي، في إطار قدراتي، وفضولي المهني والشخصي، وبالطبع ستكون مهمتي أكثر سهولة إذا انفتح علي بلدي المضيف.

المصدر