إذا نظرت بتفحص إلى الواقع الحياتي للشباب الموريتاني اليوم؛ تتفاجأ بشكل غريب ! حتى أنك قد تُصدم بهذا الواقع الذي تتجلى مظاهره واضحة للعيان في التسرب المدرسي للفتيان والفتيات، وعدم مساعدة الوالدين وبرورهما، وكثرة الاشتغال بالدردشة في الانترنت ومغازلة الصاحب والصاحبة للأسف الشديد حتى يضيع الوقت الهام أو ربما الأوقات الأهم كأوقات الصلوات الخمس، وأوقات صلة الرحم؛ وأوقات المطالعة والتفقه وإثراء المعارف…
أيضا ربما تجد من هذا الجيل – الذي يُشكل جيل التسعينات غالبيته العظمى – من إذا سألته: ما آخر عهد لك بمطالعة كتاب أو مراجعة موضوع علمي بحت في محركات البحث العالمية … ربما يجيبك: أنا لا أبحث إلا أوقات الامتحانات أو المسابقات؛ أنا يا أخي لا أريد من الانترنت إلا التسلي مع الأصحاب والصاحبات وما شابه ذلك …. إذن هل نحن نعيش فقدان الهوية الثقافية التي أصبحت الثقافة الغربية الماجنة تجر ذيلها عليها ؟ ألسنا أبناء أرض أنجبت أمثال الولاتي الذي ألف مائة وعشرة كتب في فنون شتى وهو في سنه الثامنة عشرة ؟ ومِن بناتنا ثلاثمائة فتاة كانت في مدينة ولاتة في عهد ما تحفظ موطأ مالك … وأيضا ألسنا أرض المنارة والرباط التي عُرفت إلى عهد قريب ببلاد العلم والعلماء والآن أصبح الكثير من شبابنا جاهل ومتلصص نتيجة للتربية ومحاكاة ما يرى في الأفلام التلفزيونية الغربية و يصدق عليه قول الشاعر: يمرون بالدهنا خفافا عيابُهم **ويرجعن من دارين بجر الحقائب؟.
في الحقيقة لو تأملنا واقعنا اليوم لكبرنا أربعا على القيم والأخلاق التي يعيشها شبابنا اليوم! شباب يُعرف بحلاقة غريبة وأزياء وأخلاق وألفاظ أقرب ما تكون شيطانية للأسف الشديد؛ كأن لسان حالنا يُنشد قول شيخنا العلامة عدود: شكا دين الهدى مما دهاه ** بأيدي جامدينا وملحدينا ***شباب يحسبون الدين جهلا *** وشيب يحسبون الجهل دينا.
لا حول ولا قوة بالله؛ مَنْ مِنَّا من يُسائل نفسه ويحاسبها على أوقات فراغه وانشغاله بالعبث : الدردشة في الهاتف عن طريق الفيس أو الواتساب كارثتا العصر على شباب اليوم؟ ومن منا مَن يطالعُ في اليوم صفحة أو صفحتين من كتاب تتعلقان بموضوع علمي هام ؟ ومن هو الأب أو الأم التي تسهر على تحصين أبنائها وبناتها من فساد الأخلاق والقيم المُسْتَشْرِي في مجتمعات القرن الواحد والعشرين اليوم؟ وهل يقوم الآباء بمراقبة أبنائهم وبناتهم للوقوف في وجه السيل الجارف من الثقافة الغربية الماجنة؟
تلك أسئلة ينبغي أن يُجيب عليها ساسة مجتمعنا اليوم قبل أن يُسألوا عنها يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون…