بئر “أنول” وجهة أصحاب الأمراض المستعصية في موريتانيا و دول الجوار/الشيخ ولد محمد طالب

0
319

تمتاز الطبيعة بالجمال والتجدد والغرابة ويحاول الإنسان التكيف معها وتقديم الحلول للعيش فيها وفقا لقوانينها و هناك مجموعة من الأماكن حول العالم تمتاز بالغرابة اي الخروج عن المألوف و من هذه الأماكن على سبيل المثال “مدينة الجحيم” في اليابان التي يوجد بها حوالي ٦٧٠ ينبوعا ساخنا أهمها ثمانية ينابيع يطلق عليها باليابانية ”’الاحتراق بالجحيم”’ أما الأكثر إثارة في الينابيع الثمانية فهو ينبوع “بركة الدم الساخن” الذي يقع في مدينة “كيوشو” في اليابان وهو أكثر الأماكن غرابة وغموضا ومع كل هذا الغموض فهو يعتبر من أجمل وأروع المناطق في اليابان فعندما تقف أمام ينبوع بركة الدم لا يمكن أن تتخيل سوى أن هذه البركة من الدماء فلونها القاني والبخار الذي يتصاعد على سطحها سيجعل الشعيرات تقف على ذراعك رعبا وهي تجربة وصفها كل من شاهد البركة من قرب.
و في موريتانيا وخصوصا في ولاية الحوض الشرقي وعلى بعد سبعين كليومتر إلى الشمال الغربي من عاصمة الولاية “النعمه” يوجد أحد الأماكن الغريبة لما نسج حوله من قصص و أساطير معروفة مشهورة في عموم البلاد و حتى في الدول المجاورة و هو “حاسي انول” أو بئر انول، وما أدراك ما هو أنول؟! إنه تجمع من الآبار عرفت منذ عقد من الزمن وقد ذكره بعض المؤرخين مثل ولد محنض وغيره عندما تحدثوا عن بعض المعارك و الحروب الشهيرة التي وقعت عنده في القرن ١٧ و ١٨الميلادي و قد عرف “أنول” بمجموعة من الفضائل و الخصوصيات وتقول الأسطورة الشعبية أنها عائدة إلى وجود ضريح تابعي جليل دفن بجوار تلك الآبار وضريحه الآن موجود بقربها على بعد أمتار، ومن الغريب أن تلك المنطقة دائما ما يكون ليلها كنهارها فهي محاطة بمجموعة من المرتفعات الرملية المضيئة بقدرة الله ليراها الناظر عن بعد ويبقي ما حولها في ليله المظلم، و إلى هذا الضوء(الشعاع) أشار الشاعر الحساني في الكاف الشهير بقوله :(….”أواد” و “انباك الجربه” واشعاع فالليل “الحاسي”)، وكانت كلمة الحاسي تطلق آنذاك على تلك الآبار فبمجرد أن تقول كلمة “الحاسي” فذالك يكفي ليتبادر إلى ذهن السامع انك تعني “أنول”، وكانت له مكانته الخاصة لديهم و قد خلدوه في الشعر الحساني و خلدوا الأماكن المحيطة به، يقول أحدهم:
أگلعت الرگ امن الحساد & وأكلعتو ما گامت صكه
وألا هذان بين أواد & الجرب ؤ حاجب تنبصكه
________
الرگ أهل الگبله گلعوه & شكو عنو دار البركه
وأهل الرگ إلين إجوه & ما تبگ فالرگ الحركه
________
وأما عن خصوصياته فيعتبر أنول عند معظم الساكنة وزواره من مختلف بلدان إفريقيا شافيا من كل داء فيأتون من كل حدب يحملون مختلف الأمراض المستعصية ثم يرجعون بكامل صحتهم وهذا مشاهد بأم العين، وحسب السكان فإن هناك ثلاثة آبار وهي التي تستخدم للعلاج ومن الغريب أن هذه الآبار الثلاثة تتفاوت في الملوحة حسب التدرج، ليأخذ المصاب من هذة الآبار حسب الترتيب في اليوم تقريبا مرتين مصحوبا بوجبات محلية مشترطة ولمدة أقصاها شهر ليتعافى المريض و يعود إلى أهله؛ و قد تأسست في بداية الثمانينات من القرن ٢٠م عند “أنول” قرية تحمل اسمه وهي عاصمة لبلدية تحمل نفس الإسم، و هي قرية تتميز بمكانتها الإقتصادية المهمة لاحتوائها على سوق أسبوعي يتوافد إليه الناس من مختلف مناطق الولاية.
وفي النهاية ننوه إلى أن قرية “أنول” إضافة إلى بئرها الذي تتوافد إليه الناس بكثرة تحتوي على مقدرات سياحية يمكنها أن تساعد في ازدهار السياحة الداخلية إن تم الإستثمار فيها و بناء منتجعات لاستقبال الوافدين، كما أن سكانها بحاجة إلى مزيد من الإهتمام في مجال الصحة و التعليم و كذلك وصلها بطريق الأمل بطريق معبدة.

الشيخ ولد محمد طالب