باسكنو بركان… وستثور إن عاد الفيضان (تدوينة)

0
270

لقد اجتاحت سيول جارفة تقارب ارتفاع المتر فوق الأرض وتزيد عليه في بعض الأماكن المنخفضة قادمة من ثلاثة مناطق هي: سد قرية اركن من الغرب وعين اركايز من الشمال وامحيرد المعلومة من الجنوب، عشية يوم العاشر من سبتمبر 2018 الناحية الشمالية من مدينة باسكنو إضافة إلى قرابة 200 ملم تهاطلت على المدينة في غضون 72 ساعة متتالية قبل ذلك ما أدى إلى تراكم كبير للمياه في المدينة وخلف دمارا هائلا في المساكن الطينية…

وفي صبيحة العاشر من سبتمبر بدأ الناس الفرار من منازلهم الغارقة في المياه إلى (اليابسة) المجهول… وفي مساء اليوم نفسه تدخل شباب المدينة لإنقاذ العالقين في المياه بدعم خجول من المنظمات الأممية العاملة في مخيم امبره للاجئيين الأزواديين هناك، ومساندة على استحياء من قوات الأمن (الشرطة)…

وتحت الضغط اجبرت السلطات الإدارية للمدينة على فتح أبواب مدرسة مكونة من 6 حجرات تقريبا، تقع في الجانب الآخر من المدينة كملجإ مؤقت للمتضررين الذين اعترفت الحكومة على لسان التلفزة الرسمية “الموريتانية” بألف أسرة منهم وربما هم أكثر بكثير من ذلك، وباتوا ليلتهم تلك ال11 سبتمبر في العراء تحت وقع المطر يفترشون الأرض ويلتحفون السماء بلا طعام ولا شراب…

وفي صبيحة اليوم نفسه ال11 قام الشباب الذين انتشلوهم من المياه بجمع التبرعات وتوزيع سلات غذائية عليهم كانوا في أمس الحاجة إليها رغم قلتها، وفي اليوم الثاني بدأت منظمات الاغاثة العاملة في المدينة باحصاء المتضررين وتوزيع المساعدات عليهم، وجاء والي ولاية الحوض الشرقي للمدينة بعد يومين من الحادثة لم يتمكن من العبور إليها خلالم بسبب الحصار الخانق الذي فرضته المياه عليها، لكنه يأت بجديد يذكر… وفي اليوم الثالث بعد الواقعة جاء رئيس الحكومة حينها المهندس يحيى ولد حدمين وقام بجولة مكوكية في حظيرة المدرسة التي جمع فيها المتضررون، ولم يستطع الوزير الوقوف على مكان الحادثة والاطلاع على حجم الخسائب بسسب تراكم المياه في المدينة، فعاد إلى المباني الإدارية ليختم بها زيارته باجتماع ببعض السكان تعهد لهم فيه بما يلي:

1 . إعادة الماء والكهرباء للمدينة الذان انقطعا عن المدينة في بداية الفيضان فعاد الأول بعد ثلاثة أيام من الكارثة والأخير بعد خمسة أيام وبشكل جزئي…

2 . تكفل الدولة بالمتضررين وعد حاجتهم للمساعدة من أي طرف كان! في إشارة من الوزير إلى مساعدات مقدمة من قسم حزب تواصل في باسكنو تصادفت مع قدوم الوزير أو قدمت تزامنا مع زيارته، ولم يتم توزيع تلك المساعدات على المتضررين بشكل عادي بسبب اعطاء أوامر عليا للأمن بمنع توزيع تلك المساعدات كما لم يتم التكفل ولو يوما واحدا بالمتضررين…

3 . قدوم بعثة طبية في اليوم الموالي برئاسة وزير الصحة كان بوبكر لتقديم المساعدات الطبية للمتضررين وتعقيم البرك المائية الراكدة في المدينة ولم يكن الوفد بالحجم الذي تحدث عنه الوزير كما لم يقم بتعقيم المياه…

4 . قدوم خبراء لشفط المياه والقيام بمسح شامل للمنطقة المتضررة لمعرفة ما إذا كانت لاتزال صالحة للسكن أم لا، وإن كانت صالحة للسكن سيتم تأهيلها وإلا فسيتم توزيع قطع أرضية على المتضررين، ولم يتم شفط المياه التي لم تنضب إلا بعد خمسة عشر يوما من الواقعة كما لم يتم حتى الآن استصلاح المنطقة ولاتوزيع قطع أرضية علي المتضررين الذين أجبروا فيما بعد على العودة إلى المنطقة التي اشتاحتها السيول وجعلتها أثرا بعد عين، ولم يتم حتى اخبارهم عن ما إذا كانت لا تزال صالحة للسكن أم لا…

وفي أول خروج له للعلن بعد الحادثة أكد رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز في مؤتمره الصحفي الأخير على ما قال الوزيز وأنه ذهب بتكليف منه وهو ما سبق وأن قال الوزير ولد حدمين، كما دعا أيضا نائبي مقاطعة باسكنو في مداخلاتهما التاريخية في جلسة نقاش برنامج الحكومة إلى تدارك الوضع وإصلاح سد قرية اركن المهدد الرئيسي لمدينة باسكنو بالغرق…

ومنذ وقوع الكارثة قبل أزيد من ثلاثة أشهر ومدينة باسكنو تتربع على بركان غصب يوشك أن يثور…! وسكان الناحية الشمالية من المدينة (المنطقة المنكوبة) الذين تدمرت منازلهم وضاعت ممتلكاتهم… يعانون الأمرين بسبب وضعهم أمام خيارين أحلاهما مر – إما البقاء في العراء تحت خيمة لاتقيهم حرارة الشمش ولا البرد – أو مجازفتهم بما يتجاوز طاقاتهم المادية في تشييد مساكن على حافة الهاوية، على بركان في أي لحظة يمكن أن يثور، بحر في أي لحظة يمكن أن يهيج، حافة نهر في اي لحظة يمكن أن يفيض، مسيل في أي لحظة يمكن ان يسيل، قابضون على أحر من الجمر ينتظرون… ويترقبون نزول المطر… فلا الوزير الأول وفى لهم بوعده! ولا الرئيس أصدقهم الحديث! ولا مناجاة النواب أجدت نفعا…!

محمد الأمين سيدي بوبكر