على موقعها الالكتروني, تُقدر و كالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA حجم الدين الخارجي ل #موريتانيا -حتى نهاية 2016- بحوالي 3 مليار و 900 مليون دولار . و تم الاعلان مؤخرا عن اتفاق مع صندوق النقد الدولي يتم بموجبه منح موريتانيا قرضا بقيمة 162 مليون دولار . أي بالمجمل ستتخطى نسبة ديننا الخارجي أكثر من 90% من إنتاجنا المحلي الاجمالي…
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل سننجح في تسديد هذه الديون في الآجال المحددة و بأقل تكلفة اقتصادية ممكنة؟!
الواقع أن العجز عن سداد الديون أمرتعرضت له معظم دول العالم ، حتى الاقتصادات الكبيرة مثل ألمانيا و اسبانيا , و قد أفلست الولايات المتحدة خمس مرات منذ تأسيسها, و مرت بريطانيا بعدة أزمات , و في عام 2006 دفعت 84 مليون دولار كآخر دفعة من قرض من الولايات المتحدة يعود لأيام الحرب العالمية الثانية …
و في عصرنا الحاضر عجزت دول كثيرة عن سداد ديونها مثل روسيا (1998) , و البيرو (2000) , الأرجنتين (2001) , أروجواي (2003) , جمايكا (2010 و 2013) , اليونان (2012) …..
و في كل مرة تعجز فيها الدولة عن سداد الأقساط و الفوائد المستحقة, تقوم بإعادة التفاوض مع “الدائنين” من أجل إعادة هيكلة الديون و بتحويلها لسندات جديدة! و يفقد المستثمرون الثقة في الاقتصاد , و تحاول الحكومة الاقتراض من جديد مما يجعلها ترضخ لشروط الدائنين , وتبدأ بمرحلة إجبارية من التقشف , وربما تعويم العملة المحلية مما سيؤدي حتما لانهيار قيمتها أمام الدولار , و هذا سيصعب حياة البسطاء و سيزيد من فقر الناس إلى أجل غير معلوم…
لكن دعونا نتصور “سيناريو” مختلفا في حالة عجز الحكومة الموريتانية عن سداد الدين (وهذا مالا نرجوه) ….
لنتصور أن الرئيس يقف و يعلن للعالم أنه لن يسدد أوقية واحدة و أنه لن يزيد معاناة شعبه كي يسدد قروضا ربوية لمؤسسات ودول غنية ؟!
أعرف أن البعض يعتبر هذا ضربا من الخيال , و أن تصورا كهذا لا يمكن أن يحدث في عالم اليوم. لكن شيئا من هذا حدث بالفعل…
في عام 2001 أخفقت الأرجنتين في سداد أقساط من ديونها , وحاولت الحكومة تفعيل بعض نصائح صندوق النقد الدولي مما زاد من معاناة الشعب, و هرب المستثمرون , وتقول بعض المصادر أنه في ليلة واحدة خرج من البلاد أكثر من 40 مليار دولار , وفي نهاية ذلك العام صارت المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين مشهدا مألوفا…
دخلت البلاد في أزمة حقيقية , وتوافد عيها خمسة رؤساء خلال عام واحد , وفي عام 2003 تفاجأ العالم عندما وقف الرئيس المؤقت يومها Néstor Kirchner و أعلن أمام الكونغرس الأرجنتيني أن سبب ماحل بالبلاد هو الاهتمام الزائد بتسديد الديون على حساب مصلحة الشعب , واعلن للمقرضين الدوليين أن حكومته لديها التزامات أمام شعبها و انهم لن يدفعوا فلسا واحدا للدائنين بعد ذالك اليوم …. بالحسانية : “ماتين مخلصين حد يسو منه”
بعد ذلك بسنتين بدا الاقتصاد يتعافى و تحت الضغوط أعلنت الأرجنتين أنها مستدعدة لدفع 30% من الديون لمن يرغب و إلا فلاشيء , ورضي معظم الدائنين على قاعدة تجبر شوي خير من ماتجبر شي .
من صفحة جمال عبد الله على الفيس بوك