“صرف غير صحي”.. تحقيق يكشف تقصير 5 وزارات.. غياب التعقيم في محطة الصرف الصحي بنواكشوط يهدد السكان والعمال.

0
291

تعاني محطة معالجة الصرف الصحي المركزية بالعاصمة نواكشوط من توقف مختبر تعقيم صغير يتبع للمحطة، منذ فترة طويلة عن العمل ما يهدد صحة العمال والسكان بسبب تدفق مطروحات المحطة في محيطها الذي يحوي اكثر من 600 قطعة أرضية زراعية.

ولم تتمكن المصادر من تحديد الوقت الذي توقف فيه مختبر التعقيم البدائي، عن العمل، ولكن مصدران على الاقل كشفا لوكالة الوئام الوطني انه توقف منذ اكثر من عام.

ويفترض تعقيم سوائل الصرف الصحي بشكل جيد قبل ضخها في المزارع لما تحمله من حطورة على حياة الناس، لكن المكتب الوطني للصرف الصحي تجاهل خطورة توقف غرفة التعقيم كل هذه الفترة، وتكتمت السلطات المعنية على ذلك ما يساهم في ضخ مياه ملوثة في محيط المحطة ويساهم في نشر الامراض المتربطة بالصرف الصحي.

وكشف مصادر وعمال يتبعون وزارة المياه والصرف الصحي تحدثت معهم الوكالة بشكل موثق، عن وضع كارثي تعيشه محطة معالجة الصرف الصحي المتهالكة، والتي لا يتحصل عمالها على معدات متخصصة لمواجهة التلوث، ويباشرون العمل بأيديهم العارية في محطة المعالجة التي خضع للصيانة منذ فترة طويلة.

وكشف المعلومات تحصلت عليها الوئام الوطني، وتسجيلات صوتية وصور عن فساد وتقصير كبيرين في محطة المعالجة الوحيدة الموجودة بنواكشوط، والتي تواصل ضخ مياه الصرف الصحي لمناطق زراعية رغم قرار اداري مصادق عليه من طرف رئاسة الجمهورية يحذر مثل هذا العمل، كما كشفت تقارير طبية سابقة ان مياه المحطة ملوثة وتتسبب في امراض مرتبطة بالصرف الصحي أدت الى وفيات في صفوف سكان العاصمة، ما ادرى لصدور قرار يمنع الزراعة المروية بمياه هذه المحطة.

غرفة تعقيم المحطة المغلقة اليوم يفترض ان توفر التعقيم لمياه الصرف الصحي المختلطة والتي تتضمن الصرف الصحي الطبي والصرف  الصحي الصناعي اضافة الى الصرف الصحي المنزلي، ولكن الغرفة بحسب ما كتشفته الوئام الوطني لا تعمل منذ زمن طويل وتعتبر اليوم مخزنا للنفايات وجميع الماكينات الموجودة فيها -والمتواضعة اصلا- متعطلة.

وكشفت المعلومات التي توصلت اليها الوكالة عن وضعية مهينة يخضع لها العمال الذين لا يستفيدون من اجراء أي فحوص طبية رغم مواجهتهم اليومية للتلوث، وتعامل المعهد الوطني للصرف الصحي مع ملف ادارة المحطة بتقصير غير مسبوق رغم وجود مقره على مقربة من المحطة، التي تشكل نقطة وبائية غير معقمة في وسط المدينة وتعرض حياة السكان للخطر.

وتعاني شبكة الصرف الصحي في العاصمة الموريتانية عموما من مأساة حقيقية حيث أنشأت أول شبكة للصرف الصحي بالعاصمة الموريتانية انواكشوط في الفترة ما بين عام 1961 و1965 و أشرفت فرنسا المستعمر السابق الذي استقلت عنه موريتانيا 1960 على بناء المحطة.

وكان سكان نواكشوط وقتها لا يتجاوزون 5000 نسمة فيما يقاربون اليوم مليون نسمة ولم يتم تطوير هذه الشبكة فيما تهدف شبكة الصرف الصحي الجديدة قيد الانجاز لصرف مياه الامطار وبالتالي فلن يكون تأثيرها مباشرا على تحسين شبكة الصرف الصحي الحالية.

أنشئت الشبكة وقتها حسب دراسة تتوقع أن السكان سيقاربون 40 ألفا في عام 1980. فتم إنشاء هذه الشبكة في ما يعرف الآن بوسط المدينة، يبلغ طول الأنابيب مجتمعة 38 كم، مع سماكة تتراوح بين 150 و300 مم تصب اليوم كلها في هذه المحطة التي تعيش وضعية كارثية وتنعدم فيها طرق السلامة من التلوث ولا تلتزم بالنظم البيئية المعمول بها.

بين عام 1981 و1984 شعرت السطات بالضغط الذي تتعرض له المحطة الصغيرة فأنشئت شبكة ثانية للصرف الصحي، لكن البحث عن اخبار هذه المحطة كشف بالوثائق انها ظلت غير مشغلة ولا مستخدمة إلى يومنا هذا (قرابة 30 عاما) بسبب عدم الدراسة الكافية من جهة، وعدم تكفل وزارة المالية برصد التكاليف المالية اللازمة ما جعل شبكة الصرف الصحي الاولى تتحمل الضغط لتتحول مع مرور الوقت الى خردة حقيقية تعاني من الاعطاب والتدهور منذرة بالتسبب بكارثة صحية تعارض نظام الصحة العمومية.

وفي ظل تدهور المحطة يعتمد المركز الوطني للصرف الصحي في احيان كثيرة على نقل مياه الصرف الصحي غير المعقة الى اطراف مدينة نواكشوط لسكبها دون احترام أي معايير لحماية الصحة العامة، كما يساهم في الاخلال بمعايير الصرف الصحي العالمية التي تدعو للفصل بين الصرف الصحي الصناعي والصرف الصحي الطبي والصرف الصحي المنزلي.

وتكشف هذه المعلومات الموثقة التي توصلت بها وكالة الوئام الوطني تقصيرا واضحا من طرف 4 وزارات موريتانية هي وزارة البيئة – وزارة الصحة – وزارة المياه والصرف الصحي – ووزارة الزراعة فضلا عن سلطات بلدية وجهوية.

فيما يعتبر المكتب الوطني للصرفي الصحي  (ONAS)المسؤول عن الصرف الصحي على عموم التراب الوطني هو المسؤول الاول عن تلوث محطة معالجة الصرف الصحي في نواكشوط وتعريضها حياة الناس للخطر.

المصدر