ممـا له دلالته أن العالم الغربي الذي يحارب الإسلام، يشجع الحركات الصوفية. ومن أكثر الكتب انتشارًا الآن في الغرب مؤلفات محي الدين بن عربي، وأشعار جلال الدين الرومي، وقد أوصت لجنة الكونغرس الخاصة بالحريات الدينية بأن تقوم الدول العربية بتشجيع الحركات الصوفية؛ فالزهد في الدنيا والانصراف عنها وعن عالم السياسة يضعف ولا شك صلابة مقاومة الاستعمار الغربي. *عبد الوهاب المسيري
هل يمكن للصوفية أن تتحول من كونها مذهبًا روحيًا لتكون أداة سياسية وفي غير موطنها أحيانًا؟ هذا ما حدث من متصدِّري المشهد، الحبيب علي الجفري، الشيخ علي جمعة، الشيخ أحمد الطيب، العلامة بن بيّه، مشكلي النظرة الجديدة للإسلام تحت مظلة المؤسسات الإماراتية التي تأسّست في العشرة أعوام الأخيرة، مواكبين الحركة السياسية في الوطن العربي، وآخرها حصار قطر، ليخرج الشيخ علي جمعة المفتي السابق للديار المصرية لينسب دولة قطر لقطري بن الفجاءة زعيم الخوارج، مؤكدًا أنّ الذي حاربهُ كان«إماراتيًّا».
في الفترة من 2004 وحتى 2014، عمل محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة على دمج الشأن الديني في الأمن الوطني، باعتبار المذهب المالكي والنّهج الصوفيّ جزءًا من الهوية الوطنية لجميع الإمارات المتحدة؛ ومنها أصبح فصل الجانب الشخصي عن التناول الرسمي للملف الديني أمرًا صعبًا.
في بداية الأمر كان المشروع أمريكيًّا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، باعتبار مفهوم الجهاد هو أبرز ما يميِّز التصوف عن التيارات «المتطرفة»، إذ ينظر إليه أتباع الطرق على أنه عمل روحاني يهدف إلى الرقيّ بالنفس، في حين يعرفه السلفيون على أنه قتال عالمي لنشر الإسلام في أنحاء العالم.
في البدء كانت أمريكا.. الصوفية الحديثة والبيت الأبيض
في صيف عام 2002، أصدرت مؤسسة «راند» للأبحاث والتطوير، وهي منظمة غير ربحية، وخليَّة تفكير أمريكية، تأسست عام 1948 من قِبَل شركة طائرات دوغلاس لتقديم تحليلات وأبحاث للقوات المسلحة الأمريكية؛ دراسة دعت فيها إلى تأسيس تحالف إستراتيجي مع الصوفية لمواجهة التطرف الديني في العالم الإسلامي، تلاها استضافة مركز نيكسون لمؤتمر برنامج الأمن الدولي في واشنطن، لاستكشاف دور الصوفية في تحقيق أهداف السياسة الخارجية الأمريكية.
منذ ذلك الحين بدأت عمليّة الحشد السياسي للطرق الصوفية العابرة للحدود، واستطاعت بعض الجهات الدينية المسيسة أن تسكن في دولٍ عربية، لتنفذ من خلالها ذلك المشروع الأمريكي المهجن الذي أسس له الشيخ الصوفي اللبنانيهشام قباني عام 2003، من خلال شبكة مؤسسات تحظى بتمويل دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي لا تتوانى في نسب فكر التطرف وحركات التكفير إلى السلفية والوهابية، وغيرها من المسميات التي تمَّ التوافق على نشرها في اجتماع مركز نيكسون.
مثّلت أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001 علامة فارقة في تحوُّل اهتمام الغرب نحو التصوُّف ودوره السياسي في المجتمعات الإسلامية؛ إذ بدأت تتعالى أصوات الباحثين الغربيين بضرورة إحياء التصوف للحدِّ من تأثير «الإسلام السياسي»، وكان المؤرخان الأمريكيان برنارد لويس ودانييل بايبس مؤسسا ومديرا منتدى الشرق الأوسط والقريبان من البيت الأبيض على رأس الداعين لعقد تحالف مع الطرق الصوفية لملء الساحة الدينية والسياسية وفق ضوابط فصل الدين عن الحياة.
سار الأمريكي ستيفن شوارتز مدير مركز التعددية الإسلامية في الولايات المتحدة على نهج من سبقوه، إذ حضّ المسؤولين الأمريكيين على: «تعلم المزيد عن الصوفية، والتعامل مع شيوخها ومريديها، والتعرف على ميولها الأساسية.. وأنه يجب على أعضاء السلك الدبلوماسي الأمريكي في المدن الإسلامية أن يضعوا الصوفيين المحليين على قائمة زياراتهم الدورية».
نتيجة لذلك عقد المؤتمر العالمي للطريقة الشاذلية في شهر أبريل (نيسان) عام 2003 بمكتبة الإسكندرية، بالتعاون مع منظمة اليونسكو، وأعلن في العراق تأسيس «الأمانة العليا للإفتاء والتدريس والبحوث والتصوف الإسلامي» في يناير (كانون الثاني) 2004، وعُقد في شهر سبتمبر من العام نفسه المؤتمر الأول لمجموعة «سيدي شيكر العالمية للمنتسبين إلى التصوف» بمراكش تحت رعاية الملك محمد السادس، تبعه المؤتمر العالمي الأول للطرق الصوفية بغرب إفريقيا في شهر ديسمبر 2004، في حين أقامت ليبيا مؤتمرًا دوليًا في سبتمبر 2005 بعنوان: «الطرق الصوفية في إفريقيا: حاضرها ومستقبلها».
أحد الموالد الصوفية في مصر
يبدو أن اتفاق كل من توماس رايلي السفير الأمريكي في المغرب ونظيره في مصر فرانسيس ريتشارد دوني عام 2006 على التقرب من رموز الطرق الصوفية، حيث شارك دوني أهالي مدينة طنطا احتفالاتهم بمولد السيد البدوي، في الوقت الذي حضر توماس رايلي فيه احتفال المولد النبوي الذي أحيته الطريقة القادرية البودشيشية، والتي شهدت انتشارًا واسعًا في السنوات الأخيرة بالمغرب.
مبادرة الإمارات لاستيراد الصوفية
يقول المستشرق الفرنسي المسلم «إريك جيوفروي»، المتخصص في الصوفية بجامعة لوكسمبورج، شمال فرنسا، في حوار صحافي «وفي علاقتها، (أي الأنظمة العربية) بالحركات الإسلامية بالذات، نجد أن الأنظمة العربية عملت على إدماج الصوفية في الحكم؛ بهدف محاربة الظاهرة الإسلامية.
ينزع محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي إلى خلط الملف الديني بالسياسي؛ ويتوجّه لتأسيس تحالفٍ صوفيٍّ عالميّ يجاهر أقطابه باستهداف المملكة العربية السعودية ومرجعيّتها الوهابية؛ وتبنّت الإمارات مشروع تشكيل «محور اعتدال إسلامي» يضمُّ القاهرة، وأبوظبي، وجماعات التصوُّف السنّي، إلى رموز التصوُّف الشيعي: مثل سيد حسين نصر، وسيد حسن قزويني اللذين يتمتعان بعلاقاتٍ وطيدة مع معهد «الزيتونة» للدراسات الإسلامية برئاسة حمزة يوسف، ومنتدى السلم الأهلي، ومجلس حكماء المسلمين فضلًا عن مؤسسة «طابة».
و«طابة» هي مؤسسة صوفية مقرّها ولاية أبوظبي الإماراتية، دشّنت عام 2005، أسسها ويديرها الداعية الصوفي اليمني «علي الجفري»، وقد جاءت المؤسسة لتصبِغ بصبغة رسمية النشاط السابق منذ سنوات، للجفري ومن معه، وجمعت فيها زعامات التصوف السياسي من الشام والمغرب واليمن ومصر في مشروع هجين، وللمؤسسة مجلس استشاري أعلى، يجمع أقطاب الصوفية في المنطقة أمثال «محمد البوطي، علي جمعة، عبد الله بن بيّه».
أمّا مجلس «حكماء المسلمين» فيضمّ وزراء شؤون دينية في دولٍ مختلفة مثل إندونيسيا والنيجر ومصر، ويضمّ عددًا من علماء السنّة في الإمارات مثل كبير المفتين في دبي، أحمد الحداد، ومعه الأمير الأردني غازي بن طلال، ورئيس مؤتمر العالم الإسلامي عبد الله نصيف، ويرأس المجلس أحمد الطيب شيخ الأزهر، وعبد الله بن بيه؛ وكان تأسيس مجلس حكماء المسلمين بمثابة إعلان كيانٍ موازٍ لاتحاد علماء المسلمين برئاسة الشيخ يوسف القرضاوي، ويقوم عليه علماءٌ في اتجاه مُخالف لاتجاه الاتحاد بداية بتأييده مظاهرات 30 يونيو (حزيران) 2013 في مصر؛ وعلى عكس اتحاد العلماء، فإنّ مجلس الحكماء المسلمين لم يُعلن عن آليّة تمويله، ولا عن آلية انضمام الأعضاء الجدد، وعبّر عن نفسه في بيانه التأسيسيّ أنّه «هيئة دولية مستقلّة»، مبديًا إعجابه وامتنانه للنظام الإماراتيّ، ومادحًا لمؤسس الإمارات الشيخ زايد آل نهيان، وشاكرًا للنظام على سماحِهِ للمجلس باتخاذه مقره في العاصمة الإماراتية أبوظبي، وكان من اللافت فــي تشكيل مجلــس الحكماء خلوه من أي شخصية خــارج الإطار الصوفي.
أنشأت أبوظبي منذ عدّة سنوات مركز«المسبار» للدراسات، وهو المركز الذي يقوم عليه بعض السعوديين من أنصار الفكر الليبرالي وبدعمٍ ماليٍّ كبير من ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد نفسه وهو المركز الذي يقوم أساسًا على مبدأ محاربة الفكر الوهابي والتشكيك فيه، وإصدار عدة دراسات وكتب عن الصوفية بالخليج، وعن تاريخها، ودورها في القضاء على التطرف السني.
جميع رموز هذه الشبكات هم من غير الإماراتيين-إلا القليل- ولكلٍّ أجندته السياسية الخاصة التي يعمل لأجل تحقيقها في بلده. ففي 2012 لجأت المؤسسة العسكرية الجزائرية إلى توظيف الزوايا الصوفية في حربها ضد التيارات الإسلامية، كما قام النظام باستحداث-لأول مرة في تاريخ الجزائر- منصب مستشار للرئيس مكلف بالزوايا (الأضرحة).
في مصر، فمنذ بداية ثورة 25 يناير وقفت الطرق الصوفية بجانب الرئيس المعزول حسني مبارك، وأيدت أحمد شفيق، ومظاهرات 30 يونيو، وأعلنت فيما بعد تأييدها الكامل للرئيس عبد الفتاح السيسي، أما علي جمعة –مفتي الجمهورية السابق والمنتمي للمذهب الصوفي – فقد تبنَّى موقفًا صريحًا ضد ثورة 25 يناير 2011، وأفتى بأن الخروج على الرئيس مبارك حرام شرعًا، رغم أنه أجاز عزل الرئيس المعزول محمد مرسي بدعوى فقدانه الشرعية، واصفًا المحتجين على عزله بـ«البغاة والخوارج» كما حرض على قتلهم في اجتماعٍ مع قيادة الجيش المصري ومجموعة من كبار الضباط. كما قام الحبيب علي الجفري – الصوفي اليمني – بزيارة للقوات المسلحة المصرية محاضرًا في الثكنات وظهر في مؤتمر حضره الرئيس عبد الفتاح السيسي، وفي الكلية الحربية والجوية والبحرية والدفاع الجوي وكلية ضباط الاحتياط ما بدا تأييدًا لثورة 30 يونيو التي قضت على حكم الإخوان المسلمين.
بقيت علاقة التبعيّة بين الصوفية والحزب الحاكم في اليمن، خصوصًا الطرق التقليدية، حتى في الحرب الأخيرة، فقد دعم الصوفيون جانب «علي عبدالله صالح» والحوثيين، وقد سلمت مؤسساتهم ومدارسهم من أيِّ هجومٍ أو تضييق. ولكن هل سيخدم استيراد شبكة التصوف السياسي من مصر واليمن وأمريكا في تحقيق الاستقرار في الإمارات؟
تحدّث الباحث الإماراتي عبد الخالق عبد الله عن المخاطر الأمنية لتوظيف الدين في معارك الاستقطاب السياسي، وقال إنّ: هنــاك خشــية مــن أنّ أبا ظبــي تضــع ثقلها السياسي فــي غيــر محلِّه، وتستثمر في المكان الخطأ، مؤكــدًا عودة الدولة الأمنية في مصر بقوة؛ مراهنًا على أن أبوظبي استثمرت سياسيًّا في مصر بشكل علني؛ لكن السؤال هل هذا الاستثمار في محله؟ الحقيقة هي أن عبد الخالق، وهو أحد المقربين من الشيخ محمد بـن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ورئيـس مجلـس الوزراء وحاكم دبي؛ عكس في كتاباته حالة تذمر تنتشر في صفوف المسؤولين الإماراتيين حيال توريط محمد بـن زايـد وأخيه عبد الله الإمارات في مغامرات خارجية غير محمودة العواقب، كدعم حفتر في ليبيا، والحوثيين فــي اليمــن، ورموز نظام بشار في سوريا.
الإمارات دعمت الصوفية في انقلاب تركيا الأخير
دعمت أبوظبي شبكة فتح الله غولن – الحركة الصوفية المعارضة لحكم أردوغان – في انقلابها الفاشل عليه في يوليو الماضي، وورطت نفسها في تأجيج الحرب الباردة مع تركيا عبر دعمه. أكدت ذلك مصادر في وزارة الخارجية التركية تدخُّل الإمارات بالفعل، حيث قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلدًا مسلمًا أنفق ثلاثة مليارات دولار للإطاحة بأردوغان والحكومة في تركيا، وذلك عبر تقديم الدعم للانقلابيين الذين قاموا بمحاولة الانقلاب في 15 يوليو/ تموز 201، وذكّرت صحيفة الصباح التركية أن محمد دحلان صاحب قناة الغد التلفزيونية نقل الأموال إلى جماعة فتح الله غولن لتمويل محاولة الانقلاب، وأن الأول قام بنقل هذه الأموال قبل أسابيع من محاولة الانقلاب، وأنه تواصل مع غولن عبر وسيط مقرّب منه، وأشارت الصحيفة التركية إلى أنَّ دحلان يتمتع بصلاتٍ وثيقة مع دولة الإمارات العربية المتحدة.
عكست تغطية شبكة سكاي نيوز العربية والتي مقرّها الإمارات المتحدة، كذلك أمنيات الحكومة الإماراتية بالشأن التركي، وسعادتهم في ساعات محاولة الانقلاب الأولى التي مالت نحو الانقلابيين وروّجت بشكل واضح للانقلاب، وصاغ مذيعوها الأخبار بطريقة توحي بنجاح الانقلاب، ونشر أخبار مكذوبة نسبوها لمصادر غربية، أبرزها طلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اللجوء إلى ألمانيا، قبل أن يبادروا إلى حذفها.
لكن، وحسب كتاب «شبكة التصوف في أبوظبي وخطرها على أمن المملكة العربية السعودية»، فحركة غولن لم تتخطَّ كونها شبكة غير متماسكة من المؤسسات، التي تتباين في أدائها وتمويلها، ووجهات نظر القائمين عليها. غولن أو «خميني تركيا» كما يصفه موقع العربية السعوديّ، ترجمت كتبه عن التصوف بشكلٍ خاص إلى أكثر من 30 لغة، وعددها 62، بشؤون إسلامية عدة، هو حنفي صوفي، داعية ومفكر إسلامي، لا يميل إلى تطبيق الشريعة في تركيا، وضد تدخل الدين بالسياسة-أي عكس أردوغان- ويعرف عن محمد فتح الله غولن، أنه «أبو الإسلام الاجتماعي في تركيا».
تمتلك جماعة غولن نحو ألف مدرسة في أكثر من مائة دولة، منها نحو 200 مدرسة ومركز تعليمي في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية، ولديها مراكز حوارية وبحثية في ألمانيا، وبريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية؛ كما تشرف على عددٍ من القنوات الفضائية، والصحف، والمجلات، ومواقع الإنترنت، وشبكات التواصل الاجتماعي، والأهم من ذلك كله هو أن الشبكة تدار من قبل مجموعة من «الحكماء»، وهو ما اعتبره البعض مصدر إلهام عبد الله بن زايد في مشروع تأسيس مجلس «حكماء المسلمين» في أبوظبي.
ونظرًا لضعف خبرة حكماء «غولن» في المجال السياسي؛ فقد تهاوت «الفكرة» أمام حكومة أردوغان، وأخذت تعاني من مشاكل خطيرة في موطنها، وفي العديد من الدول الغربية التي تتوجس خيفة من مناهجها في التعليم الديني؛ فكان من المثير للدهشة أن تعمد أبوظبي إلى توسيع شبكة تحالفاتها الدينية قبل نضجها، وتورط دول مجلس التعاون في خصومات كانت في غنى عنها.
من هم أهل السنة؟ مؤتمر الشيشان لتصويب «الانحراف الديني» لغرض سياسي
أعلنت دولة الإمارات العربية جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، إلى جانب 83 جماعة إسلامية حول العالم، أبرزها اتحاد علماء المسلمين، وجمعية الإصلاح، ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، وأحزاب الأمة في الخليج. وبعد ما يعتبر فراغًا إسلاميًا مؤسسيًا حضر ممثلو الشبكات الإسلامية الإماراتية الوليدة مؤتمرًا عُقد في عاصمة الشيشان، «غروزني»، بعنوان «أهل السنة والجماعة»، لوضع تعريف من «هم أهل السنة والجماعة» أو لـ«تصويب الانحراف الحاد والخطر» في هذا التعريف، كما قال القائمون على المؤتمر؛ وجاء المؤتمر برعاية الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف، وروسيا، وإيران، وبحضور مفتي مصر، وسوريا، ومشايخ الأزهر.
وحَصَرَ المؤتمر أهل السنة والجماعة في «الأشاعرة، والماتريدية في الاعتقاد، وأهل المذاهب الأربعة في الفقه، وأهل التصوف الصافي علمًا وأخلاقًا وتزكيةً»، ليخرج بذلك كل المخالفين من دائرة السنة والجماعة، لكن لماذا بحث المؤتمر في «من هم أهل السنة» اليوم؟
الإجابة سياسية وليست علمية، كون المؤتمر مبنيًا على رؤية محددة للعنف والإرهاب، وهو أنه صادر عن «الوهابية» أو السلفية. ولذلك الحل يكون بإخراجها من أهل السنة، الهدف الذي أدى إلى موجة غضب سعودية حادة تمثلت في انتقادات قاسية وجهها عدد من الإعلاميين والناشطين في الأوساط السعودية للأزهر بشكلٍ خاص، ولمصر بشكلٍ عام، ما دفع شيخ الأزهر للتنصل من المؤتمر وأهدافه بعد ذلك مؤكدًا أنه غير مسؤول عن بيان المؤتمر الختامي الذي استثنى السلفية من قائمة المشمولين بصفة أهل السنة، ورفض اتهامه بإقصاء طائفة دون أخرى، مبررًا ما حدث بأنه لم يكن على علم بالبيان الختامي، وأنه لم يُعرض عليهم قبل إصداره، وأنه مسؤول فقط عن الكلمة التي ألقاها.
جاء المؤتمر بدعم روسيا المناهضة للانتفاضة السورية واليد القوية لنظام بشّار الأسد متبنيًا التحذيرات التي جاءت على لسان لافروف في 2012، من قيام حكم سني في سوريا لو سقط الأسد، لتتوافق مع مسعاها اليوم لإعادة صياغة مفهوم «أهل السنة»، للحفاظ على الأنظمة الحاكمة في مصر وسوريا عبر المشايخ.
كان قد هيمن التيار الصوفي السياسي على المؤتمر ممثلًا في شيخ الأزهر أحمد الطيب، وعلي جمعة، والحبيب الجفري، مخرجين السلفية والوهابية من أهل السنة.