في كل مرة احضر مراسيم دفن أحد الراحلين عن دنيانا في
مقبرة العاصمة خلال الليل أصاب بالذهول رغم هيبة المكان
وأتعجب من فوضوية هذا المجتمع و القائمين على تسيير شؤونه
وعدم اكتراثهم بتوفير بأبسط المتطلبات الإنسانية لدفن الموتى
واليكم غيض من فيض كارثة اسمها مقبرة العاصمة :
1- رغم أن المقبرة مترامية الأطراف ، ويحيط بها سور متهالك
تجوبه القطط والكلاب ، فإنها لا تتوفر على أي شكل من الإضاءة
الكهربائية على الإطلاق !، ما يضطر الناس إلى استخدام مصابيح
هواتفهم النقالة للسير على رؤوس أصابعهم بين آلاف القبور
المتلاصقة ولحفر ودفن مواتاهم في سباق مع بطاريات تلك الهواتف!!.
2- لا توجد ممرات مستقيمة بين الموتى ما يعرض الأضرحة
لدهس المارة وسط ظلام دامس وفوضى عمليات الدفن العشوائية
واكتظاظ المقبرة بشكل لم يعد يطاق .
3- لا توجد هناك أية مرافق للأحياء أو الأموات على الإطلاق ولا
يوجد ماء ولا دورات مياه ولا مصلى ولا أي شيء .
4- حراس المقبرة يسكنون في كوخ من القش المتهالك وسط ظروف
بالغة الصعوبة وليس لهم من عزاء سواء جهاز تلفزيون صغير تجدهم
يتحلقون حوله يتابعون مسلسلا تركيا وربما فلما مصريا قديما
على مقربة من خلق لا يُحصى ولا يُعد من الموتى وعلى مراي
ومسمع من مشيعين مفجوعين بفقد عزيز لهم .. في مفارقة عجيبة !.
رحم الله ابن عمنا العابد الزاهد اسلمو ولد عبد الله كان خلوقا زاهدا
في الدنيا مقلا في حطامها عاش فيها بهدوء ورحل منها بهدوء فطوبى
له .
وليرحم الله حَيّ هذه البلاد وميّتها وليسامح حكامها ما اعظم مسؤوليتهم
وما اشد تفريطهم وغفلتهم .
____ سبحان من تفرد بالبقاء وله الحمد في الأولى والأخرة _____