كلمة الإصلاح كانت قد كتبت في السنة الماضية في نفس التاريخ مقالا تـقــترح فيه إنشاء اتحاد عربي مغربي مصغر يضم جميع الأراضي التي كان يطلق عليها أرض البيظان إلى جانب كل ما كان يطلق عليه اسم المملكة المغربية ـ ومن المعلوم أن ذكرنا لكلمة أرض البيظان وذكر المملكة المغربية ستـتـداخل هذه المسميات لتكون مسمى لأرض واحدة في بعض المناطق، لأن كلمة أرض البيظان تطلق على كل من كانت اللغة الحسانية لغة أمه ، وهذه الصفة زيادة على الاتحاد في اللغة تشمل الاتحاد في كل ما يجعل الأمة أمة واحدة من الاتحاد في المشاعر والملابس والاحتفاء إلى آخره .
وجغرافية هذه اللغة والعادات والمشاعر تمـتد من الشمال ما بين مدينة أكادير شمال أكلميم إلى مدينة “غابو” جنوب موريتانيا ، ومن مدينة ” كاو ” شرق أزواد إلى كرمسين في شاطئ المحيط الأطلسي في موريتانيا .
وعلى المستمع أو القارئ أن يستمع إلى أسماء هذه المدن هل على ساكنها أن يشعروا بأنهم من دولة واحدة تحت راية واحدة لا حدود بينها أو يمكنها أن تكون غير ذلك وهي ” مراكش ـ شنقيط ـ تمبكتو ـ أصمارة ـ المذرذرة ـ بتـلميت ـ لعيون الشرقية والغربية ” إلى آخره .
ساكنة هذه المناطق من التاريخ المنظور على الأقل من وجود العرب والمسلمين عليها أو بعبارة أخرى من وجود دولة المرابطين في الجنوب ودولة الحركات الإسلامية في الشمال الموحدين المريئيـين إلى دولة الأدارسة وأخيرا العلويـين وكانت كل هذه الشعوب تكون مكونات شعب واحد اتصالا ولغة وعادة ومشاعـر إلا أن تواضع أدوات المواصلات آنذاك هو الذي حد من اتحادها في كل شيء إلا المشاعر التي تمشي مواصلاتها مع خطوط الهواء والأطياف .
ويلاحظ أن بقية الخريطة لم تـشمل مدينة تـندوف ولا أي جزء من الجزائر لأنه في أيام تلاقح هذه المشاعر بعضها مع بعض كانت الجزائر بما فيها تيـندوف تحت المستعمر الفرنسي الذي كان ومازال بيـنـنا وبـينه حواجز الدين السميكة التي لا يمكن تجاوزها ولا يوجد فيها قواسم مشـتركة، ولذا فإن مطالبة المغرب بمنطقة تيـندوف أيام استـقلال الجزائر هي التي غرست جرحا غائرا في سلطة الجزائر آنذاك والتي مازالت هي الحاكمة للجزائر حتى الآن (بوتـفليقة) مثلا أدى بهم ذلك القـتـال وما ترتب عليه من حقد وكراهية أن قـتـلوا رئيسهم (بوضياف) بمجرد تعيـينه في الرئاسة مع أنه من الزعماء التحريريين ولكنه كان لاجئا في المغرب وخافوا من مجرد تعامله مع المغرب فقتـلوه.
ومن المؤسف جدا أن تـلك الحوادث التي جعلت الجزائر مازالت حتى الآن تحاول الانـتقام بسبـبها من المغرب ولم تجد لذلك مع كل الأسف مرة أخرى إلا جزءا من الشعب البيظاني تطالب المغرب بضمه إليها نتيجة ما ذكرنا أعلاه من الوحدة الشعبية وأدواتها الواضحة من لغة ولباس ومشاعر وقبل ذلك كله من اتحاد الإسلام وطقوسه في نمط واحد في كيفية التعليم والتعلم والاحتفالات الدينية والشعبية الخ .
وأعني بذكر هذا الاتحاد هنا : اتحاد شعوب البيظان الناطقين بالحسانية الفصيحة التي يشـترك فيها كل ما هو داخل في الجغرافية أعلاه .
ولاشك أن اتحاد هذه الجغرافية الشعبية المذكورة أعلاه هو الذي جعل باحثي المحاكم الدولية يجدون مقارنة ومقاربة بين هذه الشعوب لغة وشعورا … عندما رفعت إليها القضية من طرف موريتانيا والمغرب بعد أن اعترفت المغرب بسيادة جزء من الشعب الموريتاني البيظاني الذي كان موجودا تحت الاستعمار الفرنسي بالاستـقلال فوق أرضه المحدودة بحدودها الدولية الاستعمارية التي قطعت منها أزواد العربية البيظانية إلى جمهورية مالي وتركت ساكنة الصحراء العربية البيظانية تحت الدولة الاسبانية ، وقد وجد باحثوا المحاكم الدولية صلة وثيقة بين هذه الشعوب فشمال المنطقة يرتبط بالمغرب وجنوبها يرتبط بموريتانيا والجميع يرتبط بعضه ببعض ومعنى ذلك أن هذه الأرض العربية البيظانية أصبح واقعها آنذاك كالتالي :
جزء منها في موريتانيا مستـقل وجزء قي مالي يطالب بالاستـقلال عنها وجزء في المغرب ضمه إليه انضماما كاملا وجزء أشخاصه في صحراء الجزائر له أكثر من 40سنة في اعتى المعاناة الدنيوية من التشريد واللجوء واستجداء المنظمات الخيرية وفي ذلك يموت الكثيرين في هذه الحالة ليس أمامه إلا الآخرة فيها حساب آخر مع كل نفس بمفردها ((فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شره يره)) .
وهنا وقفة أود أن أسمعها لكل مسلم يؤمن بقوله تعالى( فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون )) وهي أن الويل كل الويل في أن يقـتـل أو يقـتـل أي شخص على غير الوصف الدقيق الذي وصفه الإسلام لأجل الشهادة في سبـيله ، فإنه من المضحك المبكي ” دما” من يموت الآن وهو يقاتل على أي من مصطلحات أهل الدنيا فيقولون له شهيدا حتى أني سمعت هذا اليوم ناطقا في سوريا يذكر ميتين روسيين من قاعدة روسية بوصفهما بالشهيدين وهما روسيان يتهيآن لقـتـل الشعب السوري ناهيك عن القـتال الذي تقوم به حركة تظن أنها تدافع عن الإسلام باجتهاد منها هي وليست تحت راية قائد مسلم يملك القوة الكافية للدفاع عن المسلمين ويقدر الشروط المستوفية لذلك، وناهيك كذلك عن قـتال الدول الإسلامية فيما بينها أو مكافحتها للثورات التي تحدث فيها الجميع يسمى قـتلاه بالشهداء كأنهم يتلاعبون بنصوص الآيات المحكمة مثـل قوله تعالى((ولا تحسبن الذين قـتـلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون))الخ وعلى كل حال فالخطر كل الخطر على المسلم وهو يقــتل أو يقـتل باسم الفاعل أو المفعول ولا يدري بعد ذلك أين المصير وهما يستويان في الخطر عند عدم التحري في السبب .
ومن هنا نظن ونرجو ممن يستطيع أن يكتب كلمة واحدة تـنمي هذه الفكرة أو تساعد في تـنمينها أن يكتب ويحتسب عند الله نتيجة الخير له في ذلك بإذن الله ، والفكرة هي أن تـقوم المملكة المغربية التي جعلت جزءا من الشعب البيظاني جزءا من مملكتها تقوم هي وموريتانيا البيظانية كلها بإنشاء اتحاد فدرالي ينضم له جميع الأراضي البيظانية التي يطالب ساكنتها بالاستقلال ، ويكون الجزء البيظاني من هذا الاتحاد دولة ديمقراطية بدستورها وتـناوبها على السلطة هي ونوابها وبلدياتها إلى آخره ، ويكون الجميع تحت راية واحدة وجيش واحد وعاصمة واحدة اتحادين ، ويكون هذا الجزء من الاتحاد له مجلس وزراء خاص به وينتخب رئيسه كل خمس سنوات وتسن له قوانين توضح كل ذلك .
فالمعروف أن المملكة المغربية الآن تـقال لرجلين فقط الملك وولي عهده وهما في غاية الأخلاق والسلوك الإسلاميين ووجودهما تحت عرشهما لا يؤثر على حياة أي مواطن لا سياسيا ولا اقتصاديا إلى آخره ، ولنا في المماليك الديمقراطية الأخرى اسوة بل إن لنا في الإسلام في هذا الصدد إسوة حسنة نرجو بها لقاء الله في اليوم الآخر .
هذا الاقـتراح إن كان في علم الله أنه سيهدي إليه أصحاب اتخاذ القرار فسيكون أحسن مخرجا لقضية الصحراء وأزواد: تجف به الدماء ويلتم به الشمل وينتـهي به العناء باللجوء في الجزائر بالنسبة للصحراء وفي موريتانيا بالنسبة لأهل أزواد .
فعلى السيد / رئيس الجمهورية إذا كان يريد مأمورية ثالثة مشرفة فعلا عليه أن يكون هو مهندس هذه الفكرة ليكون أول منتخب لرئاسة الحكومة البيظانية داخل اتحاد يشمل المملكة المغربية التي تمتلك الأغلبية في ساكنة هذا الاتحاد ويكون لها حق تسمية الاتحاد وحق بقائها بنظام مملكتها داخله، فنسبة نسمات المملكة المغربية الحالية لنسمات الشعب البيظاني الحالي موريتانيا ـ الصحراء ـ أزواد هو زيادة (صفر) على عدد البيظان ينـتـج الجميع 40 مليونا .
فعلى الموريتانيـين أن ينبهوا السيد الرئيس محمد بن عبد العزيز بما أنه ولله الحمد هو صاحب هندسة التـغيـير في كل مناخ الحياة في موريتانيا بدون أن يحدث اضطراب في السير المنـتظم للدولة أن يقوم بهذه الفكرة .
فعلى الصعيد التشريعي فقد أصبح البرلمان غرفة واحدة والعلم زيد فيه خطوطا حمراء وبدل النشيد غير النشيد إلى آخر جميع التغـيـيرات التي يعرف الموريتانيين حجمها وتنوعها ولكن جميع التغييرات ستكون في جوف الفرا إذا تم هذا التغيـير التاريخي الوطني الإسلامي العظيم .
السيد/الرئيس أنتم تعلمون أن هذه السنة هي الأخيرة لمأموريتكم الثانية الدستورية وأن حصيلة السنوات الثمانية الماضية أصبحت الآن بالنسبة لكم كأنها أضغاث أحلام بأفراحها وأتراحها لا لقـلتها ولا لعدم أهميتها ولكنها هي طبيعة الدنيا كما قال تعالى((إنما مثـل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختـلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح)) ،ولكن عندما تكون هذه الحصيلة فيها ما ينفع الناس من الوحدة الوطنية للجميع وتحقن فيها الدماء ويجتمع فيها الشمل وتـتلاقح فيها جميع الشعوب الإسلامية في المنطقة وتتعاون في ما بينها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثـقافيا فسوف ينعم الجميع في كل هذه المجالات بالتعاون فيها ليكمل بعضهم البعض ويجد الجميع ما يشغله في حياته اليومية وتـنـتهي الصراعات بجميع أنواعها وعندئذ ستستوي سفيـنـتـهم على الجودي قائلين لمن ظلم((فبعدا للقوم الظالمين)