ما هي التفسيرات المنطقية لفوز ترامب ؟!

0
333

لماذا فاز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية رغم أن كثيراً من الاستطلاعات والتوقعات كانت تشير إلى تقدم هيلاري كلينتون؟

تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية يقدم تفسيراً لأسباب خسارة كلينتون أمام المرشح الذي لا يحظى بشعبية عريضة والذي أثار خلافات ومشاكل تنافسية مع حملة كلينتون.

وفقاً للتقرير، فقد تسببت خسارة هيلاري كلينتون في الانتخابات أمام ترامب، الذي كان يفترض أنه لا يحظى بشعبية كبيرة، في إرباك المراقبين وفي نكسة للحزب الديمقراطي قد تستمر إلى السنوات المقبلة.

لكن، بعد استيعاب الجميع صدمة فوز ترامب، ستظهر التفسيرات المنطقية التي أدت إلى خسارة كلينتون.

بادئ ذي بدء، فإنه نادراً ما يستمر حزب واحد بالولايات المتحدة في منصب الرئاسة أكثر من 8 سنوات متتالية. ويعتبر فوز جورج بوش بالمنصب بعد ريغان استثناءً من القاعدة. لكن اليوم، أصبحت لعبة السياسة في الأوساط الأميركية متأرجحة وتفاجئ الكثيرين.

معارضة المؤسسات

تحدّي ترامب التوقعات كافة بدا كأنه هو القاعدة الذهبية في السياسة الأميركية في عام 2016. فمع أنه لم يُؤخذ على محمل الجد في الانتخابات التمهيدية إلا نادراً، ولم يبدأ المحللون في النظر إليه باعتباره مرشحاً حقيقياً إلا في الانتخابات العامة -تمكَّن ترامب من تمثيل الاتجاه المُعارض للمؤسسات السياسية القائمة في أميركا الذي جعل منافسيه الديمقراطيين يعطون أصواتهم لبيرني ساندرز في 22 ولاية.

وهو الاتجاه نفسه الذي تسبَّب في تصويت بريطانيا لمغادرة الاتحاد الأوروبي. وحتى إن لم يكُن هذا عادلاً، فإن هذا الاتجاه هو ما أدى إلى أن تكون كلينتون هي مُمثلة المؤسسة السياسية الأميركية القائمة أمام الناخبين مهما فعلت.

اقتصادياً

قال مستشار الرئيس الأسبق بيل كلينتون، جيمس كارفيل، في انتخابات عام 1992 للرئيس كلينتون: “إن الاقتصاد هو الورقة الرابحة”. لذا، كان على الديموقراطيين العمل على هذا الملف لضمان الفوز بالانتخابات في عام 2016. وقد عمل باراك أوباما على إنقاذ الاقتصاد الأميركي من الانهيار المالي وقاد سلسلة من الخطط المتتالية لرفع عدد الفرص الوظيفية.

ولكن، للأسف، لم يشعر الكثير من الأميركيين بالإيجابية تجاه سياسة كلينتون الاقتصادية .

جاء ذلك بسبب انخفاض مستويات الأجور والحالة الاقتصادية الراكدة وازدياد شعور الناخبين بالضيق وبعدم المساواة. لكن ترامب نجح في إقناع هؤلاء الناخبين بأن سبب الأزمة الاقتصادية يعود إلى الصفقات التجارية الفاسدة والاقتصاد الذي يشوبه التلاعب والتزوير.

وعلى الرغم من إثارة ساندرز لهذه الأفكار في الانتخابات التمهيدية بالحزب الديمقراطي، لم يكن لدى كلينتون أي إجابات مُرضية.

وقد عرف الجميع خطتها تجاه التجارة وهذا ما أثبتته رسائل البريد الإلكتروني المسربة – ولم يكن ردها على هذه الاتهامات مقنعاً ولاقى سخرية البعض.

وعلى الجانب الآخر، لم يقدم ترامب أية شعارات كاذبة؛ بل قدم العديد من البدائل المقنعة. وخلاصة القول، يبدو أن كلينتون فشلت في تقديم دفاع مقنع عن الرأسمالية الأميركية الحديثة، حسب التقرير.

انعدام الثقة

جاءت مشكلة انعدام الثقة كإحدى كبرى المشاكل التي أضعفت العديد من المواقف السياسية المقبولة لكلينتون، بالإضافة إلى الخطب المدفوعة لشركة غولدمان ساكس (مؤسسة خدمات مالية واستثمارية أميركية) وشبكة العلاقات التجارية الغامضة بين عائلة كلينتون والمؤسسة الخيرية التي جعلت العديد من الأميركيين يتشككون في أمانة كلينتون بشأن الأمور المالية وأشياء أخرى كثيرة.

وقام مكتب التحقيقات الفيدرالي بإجراء تحقيقات مع المرشحة الديمقراطية قبل يومين فقط من بدء التصويت، بهدف توجيه اتهامات جنائية محتملة بشأن تجاوز كلينتون قوانين أمن البيانات والذي جاء كأقصى إجراء في هذه القضية.

ولم يتسبب هذا فقط في وضع مكتب التحقيقات الفيدرالي في مأزق بسبب التوقيت الفاشل الذي أجرى فيه هذه التحقيقات وهو ما أدى إلى السير بالتحقيقات إلى طريقٍ مسدود، مما أثار غضب الأميركيين من تصرف كلينتون كما لو أنها فوق القانون.

الشعارات الجوفاء

لم تساعد خطابات كلينتون على إقناع الناخبين؛ إذ كانت تبدو كأنها تبيع نفسها. وكانت أقوى رسالة للحملة هي أنها المرشح المؤهل بقوة لمنصب الرئيس. كان هذا صحيحاً إلى حد كبير، بالمقارنة مع عدم خبرة دونالد ترامب، لكن الأفكار أخذت دوراً وراء الكواليس، حسب تعبير الصحيفة البريطانية.

عرض ساندرز مجموعة من الاقتراحات السياسية على إجراء تعديلات في نظام الرعاية الصحية وإنشاء صيغة مخففة من اقتراحات الديون. وقد نسى الكثير من الناخبين هذه الاقتراحات حتى من مؤيدي كلينتون أيضاً.

وحسب تقرير “الغارديان”، فإن شعارات حملة كلينتون كانت جوفاء. بينما كان شعار حملة أوباما “الأمل والتغيير” أكثر قوة من شعار كلينتون “معاً أقوى” الذي بدأ في التبلور رداً على منافسة ترامب معها.

انهيار الاستطلاعات

فاز ترامب رغم أن استطلاعات الرأي التي لقيت اهتماماً كبيراً، والتي أظهرت كلينتون متصدرة بفارق 3 أو 4 نقاط عند بدء الانتخابات.

فشل كلينتون يرجع بشكل جزئي إلى الوسائل البالية، فالاستطلاعات تُنشر اليوم على فئة الناخبين الذين يستخدمون التكنولوجيا الحديثة للقرن الـ20 وأسفرت العينات الإحصائية عن تقديم نتائج مضللة على نحو خطير في الانتخابات بجميع أنحاء العالم في الآونة الأخيرة.

ولكن المراقبين الأميركيين متحيرين للغاية من التركيبة السكانية التي توجهت على نحو متسارع إلى انتخابات 2016.

حاول ترامب كثيراً معارضة كلينتون في تركها لبعض القضايا الاقتصادية العالقة، مع حشد مجموعة كبيرة من الناخبين المستقلين.

واستمر المحللون في افتراض فوز كلينتون بحجة ذهاب الديمقراطيين المُسجلين إلى التصويت في وقت مبكر، أو بالاستناد على استطلاعات الرأي التي تشير إلى ذهاب الكثير من الديموقراطيين للتصويت لصالح كلينتون.

لكن كل ذلك تغير في عام 2016، وكانت مفاجأة سياسية كبيرة أدت إلى تغيير الخريطة الانتخابية في الولايات المتحدة وأنها لم تعود إلى السابق مرة ثانية.

المصدر