«أنت مصمم مصيرك.. فهل تقرر ما تريد، إلا تفعل سيقرر غيرك» هكذا اختتم «بنجامين هاردي» مقاله على موقع «إنك». يعرض «بنجامين» أهم ما استفاده من تجربته في تحقيق حلمه، خاصة في عالمٍ يعج بمن يقدمون النصح حتى في مجالات لم تكن لديهم الجسارة لخوضها من الأساس. وكيف لأمرؤ أن يسعى خلف فرص لا يعرف هل تخدم ما يريده أم لا.
يقول «بنجامين» إنه في أبريل (نيسان) عام 2015، بدأ يأخذ حلمه بأن يكون كاتبًا محترفًا على محمل الجد.
كان حينها قد أنهى كتابًا إليكترونيًا، بعنوان «Slipstream Time Hacking »، وكان متلهفًا لمعرفة كيفية نشره بالطرق التقليدية. فضلًا عن أنه آنذاك، كان قد أنشأ للتو موقعه الخاص على شبكة الإنترنت وكانت قاعدة المشتركين لديه صفر.
يقول إنه اعتقد أن وكلاء الأعمال الأدبية ربما يكونون أفضل مصدر لطلب النصيحة، ففي نهاية المطاف هم يعرفون صناعة النشر من الألف إلى الياء أو هكذا اعتقد حينها. وبعد الحديث مع حوالي من 5 إلى 10 وكلاء مختلفين بشأن برامج التدريب، صار جليًا أن الإجابة على تساؤلاته تكمن في مكان آخر.
إلا أن أحد الحوارات بعينها برزت من بين كل تجاربه. كان ينبغي أن يكون لديه بصفته كاتب جمهور كبير من القراء والمتابعين على منصته على سبيل المثال، وذلك حتى يمكن للوكلاء والناشرين مجرد أخذ الكتاب في الاعتبار. لذا أخبر أحد الوكلاء أن هدفه الوصول إلى حوالي 5 آلاف مسجل على مدونته بنهاية عام 2015، كان ردها كالتالي:
«سيكون تحقيق ذلك مستحيلًا حيث وضعك الآن؛ فتلك الأمور تستغرق وقتًا طويلًا، ولن تكون قادرًا على الحصول على ناشر قبل 3 أو 5 سنوات. تلك فقط الحقيقة». لكن لم يسعه سوى التفكير في ما قالته والتساؤل «الحقيقة لمن تحديدًا؟» بينما كان يغلق الهاتف.
أبدًا لا تطلب النصيحة من هؤلاء
في كتابه «الأثر المركب» «The Compound Effect»، يقول «دارين هاردي»:
لا تطلب النصيحة أبدًا من شخص لا ترغب في أن تكون مكانه.
يشرح «بنجامين» ذلك قائلًا: إن من تتبعه في تلك الحياة هو من يحدد جهة وصولك. إذا كان قائدك لا يتحرك للأمام، فأنت بالتبعية لا تتحرك، أنت قابع مكانك لأن نتائجك هي انعكاس لنتائجه.
ويضيف أنه كلما تدبر في كلمات «دارين هاردي»، أدرَك أنه كان يطلب النصح من أُناس خاطئين. وأدرك أنه كان بحاجة إلى التوجه للأشخاص الذين سبقوه في وطء الطريق الذي يسعى إليه. أي شخص بإمكانه تقديم نظريات غامضة مبهمة، ولا أدل على ذلك من أننا أمضينا جل حياتنا في التعليم العام نتعلم من أناس نادرًا ما «خاضوا الطريق بأنفسهم». فكما يقول «جورج برنارد شو» في مقالته المنشورة عام 1903 حول تأملات للثائرين «من يستطع، يفعل. ومن لا يستطع، يدرِّس». وبالمثل هناك سيل لا نهائي من المحتوى المنشور يوميًا من أُناسٍ نادرًا ما يمارسون الفضائل التي يبشرون بها.
وبعكس النصائح النظرية، التي لا توصلك لشيء ذي قيمة في النهاية، فإن الناس الذين جربوا بالفعل وسلكوا الطريق سينصحونك بخطواتٍ عملية بشأن ما تحتاج فعله حقيقة، على سبيل المثال سيقولون لك خمس خطواتٍ عليك التركيز عليها، وغض الطرف عن ما دونها.
لماذا يجب عليك معرفة ما تريده؟
يقول «ريان هوليداي»:
تعد المفارقة الجوهرية في حياة الناس، أنهم لا يعرفون تمامًا ما يريدون القيام به في حياتهم، ومع ذلك هم يتحركون بنشاط عال.
يلتحق معظم الأطفال بالكليات دون أدنى فكرة لماذا انضموا لها من الأساس، فهم يُسايرون الوضع منتظرين أن يخبرهم أحدهم ماذا يجب أن يفعلوا تاليًا، هم لم يفكروا أو يمعنوا النظر بما فيه الكفاية لمعرفة أو تصور كيف تكون حياتهم المثالية. وبالتالي أنى لهم أن يعرفوا أو يميزوا النصيحة الجيدة من السيئة؟
وعلى العكس، من يعرفون تمامًا ماذا يريدون، يرون العالم من منظور مختلف، جميع الناس يقومون بالأشياء التي تثير اهتمامهم أو تحمسهم على نحو انتقائي، على سبيل المثال، عندما تشتري سيارة جديدة تبدأ تلقائيًا في ملاحظة شبيهاتها في كل مكان. كيف يحدث ذلك في حين أنك لم تنتبه لما يركبه الآخرون من قبل.
تقوم أدمغتنا باستمرار بتصفية كمية مبهمة غير محدودة من المدخلات الحسية: أصوات وروائح وبصريات وغيرها، أغلب تلك المعلومات لا يمكن التعرف عليها بوعي أو عن قصد. إذ ينصب اهتمامنا على ما نهتم به حقًا، وهكذا، فإن بعض الناس يلاحظون الجوانب السيئة فحسب، بينما آخرين لا يلاحظون، إلا الجيد في كل شيء.
لذا، عندما تقرر ما تريد فعله حقًا، الأمر أشبه بشراء سيارة جديدة، تبدأ بملاحظتها في كل مكان حتى في صفحة حسابك الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي.
فاسأل نفسك: ماذا ترى في كل مكان؟ ربما يكون ذلك أوضح انعكاس لهويتك الواعية.
الأمور السحرية تبدأ في الحدوث بمجرد أن تنتبه أكثر
يسألك «بيتر ثيل»: «كيف يمكنك تحقيق خططك للعشر سنوات القادمة في غضون سنة أشهر؟»
أينما أردت الذهاب، ستجد مسارًا طويلًا وتقليديًا، وهناك أيضًا طرق أقصر أقل تقليدية، الطريق التقليدي هو ضريبة عدم الانتباه كفاية، وهو ما يحدث عندما تدع الآخرين يُملون عليك اتجاهاتك وسرعة مضيك في حياتك.
إلا أنه بمجرد أن تعرف ما تريد – والذي بدوره يوقظ بشكل مكثف انتباهك – ستلاحظ الحلول الأبسط والأسهل لأسئلتك، وستجد أن ما يستغرق تقليديًا حوالي عشرة سنوات، ربما يستغرق فقط شهورًا قليلة بمجرد توافر العلاقات والمعلومات الصحيحة.
يقول«مايبل كولينز»: عندما يكون الطالب مستعدًا، يظهر المعلم.
عندما قرر «بنجامين» أن يحترف الكتابة جديًا، لم تكن نصائح وكلاء الأعمال الأدبية ذات جدوى، وكان مستعدًا لتلقي الحكمة من أُناس سلكوا ذلك الدرب من قبل، يقول: إن رؤيته كانت أكبر من النصيحة التي كان يتلقاها. وفي عام 2015 مايو (آيار)، صادف أحد الدورات التدريبية على الإنترنت حول التدوين، مثل تلك الدورة ربما ظهرت في صفحته بسبب سجل بحثه السابق، يقول: إنه مضى قدمًا في الدورة ودفع حوالي 197 دولارًا، حتى أنهاه، وفي غضون أسبوعين أتته مقالات عدة من مدونات المساعدة الذاتية.
وفي نفس الوقت تقريبًا، استمع لتسجيل حيث قال «تيم فيريس» إن «مدونةً واحدةً يمكنها أن تغير مسار حياتك المهنية كاملة» وذلك حسب تجربته. كتب «تيم» مدونة كان لها صدى مدوٍ، والتي انعكست على مبيعات كتاب كان قد نشره مؤخرًا بعنوان «The 4-Hour Workweek»، فتلك الموجه من عدد الزيارات أدت إلى نجاح الكتاب وبقية مسيرته صارت غنية عن التعريف.
وفي النهاية يمكنك تدريب عقلك الباطن على التركيز فحسب على ما تريده في تلك الحياة، وما دون ذلك سيندثر وتنضب مصادره ويُنسى في اللاوعي.