في الثالث من مايو (أيّار)2013، صدر تقرير عن وزارة الدفاع الأمريكية جاء فيه أن كوريا الشمالية هي أخطر تهديد للولايات المتحدة الأمريكية، مشيرًا إلى أن الصواريخ الباليستية الكورية الشمالية التي يمكنها حمل رؤوس نووية يمكن أن تصل للولايات المتحدة، وبالتالي فهي تمثل تهديدًا مباشرًا لها، وبالعودة إلى تاريخ الصراع بين كوريا الشمالية وأمريكا فهو يمتد إلى أكثر من قرن، ففي سنة 1910، كانت شبه الجزيرة الكورية واقعة تحت سيطرة الإمبراطورية اليابانية حتى خسارة اليابان للحرب العالمية الثانية، و مع انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، بدأت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في تقاسم الأراضي الخاضعة لسيطرة الحلفاء قبل الحرب العالمية فيما بينهم، باعتبارهم الثنائية القطبية المتحكمة في العالم حينها.
اقترح الاتحاد السوفييتي أن يكون خط عرض 38 شمالًا في شبه الجزيرة الكورية، هو الخط الفاصل بين القوات الأمريكية وقوات الاتحاد السوفييتي، ما جعل شبه الجزيرة الكورية مقسومة بين البلدين، كوريا الشمالية خاضعة للسيطرة السوفييتية، وكوريا الجنوبية تحت النفوذ الأمريكي، ومنذ ذلك الوقت شكلت كوريا الشمالية حجر عثرة في وجه أمريكا وسياستها الخارجية، زاد من حدته امتلاك بيونغ يانغ للسلاح النووي الذي اعتبرته واشنطن خطًا أحمر، وفرضت عقوبات هي الأقصى في التاريخ على كوريا الشمالية في حين كان ردّ الأخيرة بالتهديد بضرب المصالح الأمريكية في المنطقة، إضافة إلى قصف «جزيرة غوام» التي تحتوي على قواعد عسكرية أمريكية .
وتصدر موضوع الحرب العالمية الثالثة هذه الأيّام محرك البحث جوجل في إشارة إلى القلق المتنامي للمجتمع الدولي من اقتراب هذه الحرب، قلقُ تزامن مع التصعيد الذي تشهده شبه الجزيرة الكورية بين كلٍ من بيونغ يانغ وواشنطن فماذا لو قامت حرب مباشرة بين كوريا الشمالية وأمريكا من سيكون المنتصر؟
اقرأ أيضًا: تاريخ الصراع بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة
الأسطول السابع الأمريكي في مواجهة القوة البحرية الكورية الشمالية.. من سينتصر؟
في أبريل (نيسان) الماضي قررت واشنطن إيفاد قوة بحرية ضاربة، متكونة من حاملة الطائرات الأمريكية «كارل فنسون» وأسطولها الجوي بالإضافة لمدمرتين قاذفتين للصواريخ وطراد قاذف للصواريخ إلى مياه شبه الجزيرة الكورية، في محاولة منها لردع كوريا الشمالية عن استفزازاتها النووية التي سرعت منها في السنوات الأخيرة، حيث أجرت خمس تجارب نووية في السنوات الأخيرة فقط، هذه الخطوة اعتبرتها بيونغ يانغ تصعيدية واستفزازية، وأبدت استعدادها في الردّ على القوة بالقوة.
ومع تصاعد حدة التوتر هذه الأيام بات احتمال حدوث صراع وحوادث بحرية بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية قائمًا.
الأسطول السابع الأمريكي
يُعد الأسطول السابع الأمريكي، الذي جعل من جزيرة يوكوسوكا اليابانية مقرًا له، الأسطول البحري الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية، يتكون مما يقرب من 50 إلى 70 سفينة وغواصة و350 طائرة وحوالي 60 ألف جندي من أفراد البحرية ومشاة البحرية؛ يجوب هذا الأسطول في مناطق غرب المحيط الهادي والمحيط الهندي ومنطقة الجنوب العربي، وينتظر أن يكون له دورٌ كبير في أي عملية عسكرية قد تشنها أمريكا ضد نظام كيم جونغ أون، وما يزيد من قوة الأسطول السابع تواجد حاملة الطائرات «رونالد ريجان»، العاملة بالطاقة النووية، بشكل دائم فى يوكوسوكا باليابان باعتبارها الناقل الرئيسي للأسطول. ناهيك عن ضمّ الأسطول 14 مدمرة وسفينة حربية، بعضها مُسلّح لاعتراض الصواريخ البالستية، وصواريخ توماهوك بعيدة المدى، وصواريخ مضادة للطائرات كما يوجد ما يقرُب من 12 غواصة تعمل بالطاقة النووية.
وينتظر في حالة الحرب أن تقوم البحرية الأمريكية بشنّ ضربة فى قلب المنشآت النووية الكورية الشمالية من خلال استهدافها بصواريخ توماهوك المجنحة المنطلقة من حاملة الطائرات «رونالد ريغان» وسفن الأسطول السابع المتواجدة قرب شواطئ شبه الجزيرة الكورية، وإلحاق أضرار جسيمة بالمفاعلات النووية في «يونغبيون» و«تايشون»، والمنشآت النووية الأخرى لتخصيب اليورانيوم، إضافة إلى استهداف مواقع إطلاق الصواريخ.
في المقابل تعتبر كوريا الشمالية الدولة الأقوى على مستوى العالم من حيث قوتها العسكرية البحرية نظرًا لاحتواء أسطولها البحري على عدد كبيرٍ من القطع الحربية من مدمرات وغواصات وفرقاطات وغيرها، ويبلغ إجمالي القطع البحرية التي تمتلكها كوريا الشمالية حتى نهاية العام الماضي، حوالي ألف قطعة عسكرية، بينها ثلاثة فرقاطات وسفينتين حربيتين ، إضافة إلى 70 غواصة و211 زورق لخفر السواحل و23 زورقًا كاسحًا للألغام.
جزء من مناورة للبحرية الكورية الشمالية
العدد الكبير من الغواصات التي تمتلكها بيونغ يانغ جعلها في المرتبة الثانية عالميًا من حيث عدد الغواصات بعد أمريكا التي تمتلك 75 غواصة، هذا التوازن دفع كوريا الشمالية إلى تطوير صواريخ باليستية المقذوفة من الغواصات، ومن بين تلك الصواريخ التي تهدد القوات الامريكية المنتشرة في شبه الجزيرة الكورية الصاروخ الباليستي «KN-11».
ومن بين المخاطر التي تهدد الأسطول الأمريكي السابع حال قرر مهاجمة بيونغ يانغ، الغواصات الصغيرة التي تمتلكها كوريا الشمالية، والتي استطاعت في سنة 2010 تدمير الفرقاطة روكس تشونان (PCC-772)، وذلك بقذفها بطوربيدات من طراز «CHT-02D» الموجهة.
المواجهة العسكرية البحرية إن حدثت ستعرف خسائر مرعبة بين القوتين، فكوريا الشمالية لن تتوانى في هذه الحالة في شنّ هجوم شامل على جميع الجبهات بما في ذلك قلب أمريكا، بدورها ستعمل أمريكا في حال قررت شنّ هجومٍ بحريعلى كوريا الشمالية على تدمير كلي للتهديد الكوري لإرجاع بعضٍ من هيبتها البحرية التي فقدتها مع تنامي القوة البحرية الروسية.
اقرأ أيضًا: كوريا الشمالية تمتلك أقوى بحرية في العالم.. فهل ينبغي الخوف منها؟
سلاح الجو.. الحسم أمريكي
بات سلاح الجو هو السلاح الأبرز لحسم أي مواجهة عسكرية، فمن يملك الطائرات الهجومية الأكثر والأقوى بإمكانه الانتصار في أي الحرب مهما كانت الظروف، ويعتبر سلاح الجو الأمريكي القوة الجوية العسكرية الرئيسية في العالم، حيث يحوي على مجموعة مكونة من 39 نوعًا مختلفًا من الطائرات، وأصناف فرعية أخرى لهياكل الطائرات، ويصل مجموع عدد الطائرات في الأسطول الجوي الأمريكي إلى 14 ألف طائرة حربية، بينما تمتلك كوريا الشمالية أسطولًا جويًا متوسطًا يتكون من قرابة 1100 طائرة، أغلبهم طائرات هجومية ما يصعب من مهمة أي قوة مهتمة في تحدي بيونغ يانغ، وتحتل كوريا الشمالية الرتبة العاشرة في قائمة أقوى الأساطيل الجوية في العالم وفق تصنيف «غلوبال فاير باور»، ومع احتدام الصراع وتصاعد التهديدات في شبه الجزيرة الكورية وتوعد ترامب بعقاب قاس لبيونغ يانغ، خصوصًا بعد تنفيذ ترامب تهديداته في سوريا بقصف مطار الشعيرات، تبقى تلك الكفة في الميزان تميل بقوة للصالح الأمريكي.
ومع وصول حاملة الطائرات «كارل فينسون» إلى سواحل كوريا الجنوبية، لاح في الأفق احتمال تنفيذ الولايات الأمريكية ضربات جوية لمراكز حساسة في كوريا الشمالية مثل المنشآت النووية ومناطق تمركز القوات المدرعة ومخازن الرؤوس الحربية الكيميائية والبيولوجية، وهذا الخيار يحتاج توظيف الأسطول الجوي الأمريكي لحسمه، بيد أنّ الرد الكوري سيكون رادعًا، حيث ستكون القواعد الأمريكية في اليابان وكوريا الجنوبية في مرمى صواريخ بيونغ يانغ النووية، إضافة إلى توسيع الضربة من كوريا الشمالية باستخدام المدفعية بعيدة المدى وضرب قلب أمريكا.
وفي استعراض للقوة أجرت القوات الجوية الأمريكية مناورات حربية مع القوات الكورية الجنوبية يوم الثامن من يوليو (تموز) الماضي، وشاركت فيه قاذفات القنابل الأمريكية من طراز (بي-1 بي إس)، التي أقلعت من قاعدة أندرسون الجوية في جزيرة غوام، وأسقطت تلك القاذفات، قنبلة ذكية تعمل بالليزر، تزن نحو 900 كيلوجرام، على مخبأ وقود هيكلي، كما استهدفت المناورة تدمير بطاريات هيكلية لصواريخ باليستية ومواقع ومخابئ سرية هيكلية تحت الأرض.
اقرأ أيضًا: الجيل الجديد للحروب الأمريكية: القوة الجوية ووحدات العمليات الخاصة ومجتمعات الاستخبارات بدائل التدخل البري
المواجهة الكبرى.. إسقاط نظام الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون
«بالنار والغضب»، هكذا توعد الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» كوريا الشمالية إذا لم تتوقف عن تهديداتها لواشنطن، وصرح ترامب من «نادي الغولف» في بدمنستر في ولاية نيو جيرسي حيث كان يمضي عطلة: «سيكون من الأفضل لكوريا الشمالية ألا تطلق مزيدًا من التهديدات ضد الولايات المتحدة» وأكّد
«أنهم سيواجهون بالنار والغضب بشكل لم يعرفه العالم سابقًا»، مضيفًا أمام الصحافيين «كما قلت، سوف يواجهون بالنار والغضب، وبصراحة، سيواجهون بالقوة».
ردّ بيونغ يانغ على هذا التهديد كان بإعلان أن كوريا الشمالية بداية الشهر الجاري تدرس خططًا بقصف محيط جزيرة «غوام» الأمريكية في المحيط الهادي حيث تقع منشآت عسكرية إستراتيجية، بصواريخ بالستية متوسطة المدى، وتقع جزيرة غوام على بعد يزيد عن ثلاثة آلاف كيلومتر إلى الجنوب الشرقي من كوريا الشمالية، ويقطنها حوالي 163 ألف نسمة وبها قاعدة عسكرية أمريكية تشمل أسطولا من الغواصات وقاعدة جوية ومجموعة من خفر السواحل، أفادت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية للأنباء أن بيونج يانج «الآن تبحث بعناية الخطة الحربية لإقامة غلاف ناري في المناطق المحيطة بجزيرة غوام بواسطة صواريخ بالستية استراتيجية متوسطة المدى من طراز هواسونغ-12»، مضيفة أن الخطة سيتم الانتهاء منها «وستوضع قيد التطبيق بشكل متزامن ومتتابع متى يتخذ كيم جونغ-أون القائد الأعلى للقوات النووية لكوريا الشمالية القرار».
كيم جونغ أون يطلع على خطة لضرب جزيرة غوام الأمريكية
تهديد بيونغ يانغ بقصف الجزيرة الأمريكية غوام؛ دفع القادة العسكرييين في أمريكا إلى الاستعجال في دراسة خطة عسكرية للإطاحة بنظام كيم جون أون الذي بات يشكل تهديدًا حقيقيًّا للأمن القومي الأمريكي، وكتب ترامب تغريدة على حسابه على «تويتر» قال فيه إنّ: «الحلول العسكرية موضوعة بالكامل حاليًّا، وهي جاهزة للتنفيذ في حال تصرفت كوريا الشمالية بدون حكمة. نأمل أن يجد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون مسارًا آخر».
ومن بين الحلول العسكرية الموضوعة على الطاولة إسقاط نظام كيم جونغ أون بضربة عسكرية شاملة تثمثل في شنّ هجوم واسع النطاق، يهدف إلى تدمير كوريا الشمالية وإنهاء مشكلتها إلى الأبد، وذلك بإسقاط النظام الشيوعي لكيم أون، والشروع بعدها في توحيد شبه الجزيرة الكورية، ويتمثل هذا الهجوم في ضربة وقائية ضد منشآت كوريا الشمالية العسكرية الأساسية، واستهداف كبار قادتها خصوصًا الزعيم كيم جونغ أون من خلال تدمير مقرات القيادة والسيطرة ومراكز الاتصالات والمخابئ والأنفاق، وسيتم التعامل مع هذه الأهداف على الأرجح بواسطة أسلحة نووية تكتيكية، إضافة إلى قوات على الأرض تتخذ من الخط الفاصل بين الكوريتين منطلقًا لها لإسقاط النظام الكوري الشمالي.
الرؤوس النووية الكورية الشمالية
لكن رغم كل ما سبق يبقى هذا الخيار مستبعدًا في نظر الكثير من المحللين؛ لأنه يمثل تهديدًا كبيرًا للجزيرة شبه الكورية وللبشرية جمعاء كونه سيكون نوويّا حيث ستعمل فيه بيونغ يونغ على استعراض عضلاتها النووية باستخدامها رؤوسها النووية التي ستخفي جزيرة غوام الأمريكية وستدمر كوريا الجنوبية، ناهيك عن الجيش الكوري الشمالي الذي يحوي في تركيبته 900 ألف جندي ما قد يصعب مأمورية واشنطن في إسقاط نظام «كيم جونغ أون».