القدس العربي: لا يستبعد محللون استراتيجيون متابعون لأوضاع غرب إفريقيا، أن تؤدي الاكتشافات المعلن عنها أخيراً لكميات ضخمة من الغاز الطبيعي الجاهزة للاستغلال، على حدود موريتانيا والسنغال، إلى تحول المنطقة الممتدة من السواحل الموريتانية الى السواحل الغينية من واقعها الحالي لتكون عما قريب نقطة استقطاب دولية قد تغير الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في ذلك الجزء الذي يطبعه الفقر منذ قرون.
وينبع هذا التخوف من إعلان شركة كوسكوس الأمريكية العاملة بالتنقيب عن مصادر الطاقة في موريتانيا والسنغال، عن اكتشافات لكميات ضخمة من الغاز على حدود موريتانيا والسنغال ستجعل هذين البلدين يتصدران قائمة الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال على المستوى الدولي.
وتدرك الحكومتان الموريتانية والسنغالية، حسب تصريحات أدلى بها أمس ابريان ماكستد مدير الاستغلال بشركة كوسموس، ما سيجنيه البلدان على المدى الطويل من حقل السلحفاة الغازي المشترك بينهما والذي سيرفعهما لأعلى قائمة مصدري الغاز في السوق الدولية، كما سيوفر لهما إمكانيات لتطوير قطاعات اقتصادية واجتماعية بالغة الأهمية.
وأدلى ابريان ماكستد مدير الاستغلال بشركة كوسموس بهذه التوقعات التي تجمع بين الخوف والرجاء في مداخلة أمام «القمة الدولية الأولى حول الحوض الرسوبي لموريتانيا والسنغال وغامبيا وبيساوو وكوناكري».
وأنهت شركة كوسموس مستهل السنة الجارية المرحلة الأولى من حملتها الاستكشافية في عرض السواحل الموريتانية السنغالية، مؤكدة أنها أسفرت عن اكتشافات ضخمة للنفط والغاز في حقول أطلقت عليها مسميات «تورتي» و»مارسوين» و»ترانغا».
ويعتبر حقل «تورتي/آشميم» المكتشف في يناير الماضي على الحدود الموريتانية السنغالية، أهم منجم للغاز الطبيعي المسال في غرب إفريقيا لاشتماله على 450 مليار متر مكعب من الغاز.
وأكد ابريان «أن هذا الحقل يجمع بين صفتين مهمتين هما الجودة وسهولة الاستغلال»، مشيراً إلى «أن تسويق هذا الغاز على مستوى السوق الدولية سيبدأ مباشرة عند أول عملية استخراج».
وأضاف «أن المقاربة التي تبناها فريق العمل الموريتاني السنغالي المتابع لعمليات الاستخراج تقوم على الأسلوب التدريجي، وهي مقاربة مهمة ستمكن البلدين من إطلاق عمليات الاستغلال والتسويق على المستوى الدولي بصورة مربحة وقليلة الكلفة». وأوضح ماكستد «أن مشروع استغلال الغاز سينعكس إيجابا على الأسواق الداخلية لكل من موريتانيا والسنغال».
وحددت الحكومتان الموريتانية والسنغالية موقعاً يقع على بعد ثمانية أميال من الحدود البحرية المشتركة لتنصيب آليات الاستغلال الخاصة بسحب ومعالجة وتسييل الغاز. وذكر ماكستد «أن أشغال استغلال الحقل تتواصل بالتوازي مع دراسات اجتماعية وبيئية للتأكد من أن المشروع لا يؤثر على الوسط البيئي للموقع المحدد لعمليات الاستغلال».
وقررت الحكومتان الموريتانية والسنغالية في تشرن الثاني/نوفمبر الماضي بذل جهود مشتركة لإقرار عاجل للاتفاق الحكومي على طرق تطوير واستغلال حقل «تورتي/آشميم».
وأكد مدير الاستغلال في شركة كوسموس «أن استغلال هذا الحقل لن يبدأ إلا بعد سنوات وهو يتطلب تعاوناً بين جميع الأطراف، كما يستلزم البحث عن استثمارات ضخمة».
وأضاف «أن تحاليل نتائج آبار الاستكشاف والمعطيات الزلزالية المتوفرة لدى شركة كوسموس تؤكد أن الحوض الرسوبي العميق لموريتانيا والسنغال سيشكل أحد أهم الأنظمة النفطية التي لم يشهدها الساحل الأطلسي من قبل».
وفي سياق متصل أكد شيرنو ألسان صال وزير الطاقة السنغالي «أن الحوض الرسوبي لموريتانيا والسنغال وغامبيا وبيساوو وكوناكري، لم يكشف بعد عن كامل أسراره».
وفي مداخلة أمام القمة الدولية الأولى حول الحوض الرسوبي لموريتانيا والسنغال وغامبيا وبيساوو وكوناكري، أكد الوزير السنغالي «أن البلدان المطلة على الحوض الرسوبي المذكور ستتمكن إذا وحدت جهودها من رفع تحديات الاستقلال الطاقوي ومن توفير الطاقة لمجموع سكان القارة الإفريقية».
وأشار الوزير السنغالي «إلى أنه فيما يرى البعض أن اكتشاف مصادر الطاقة مهم للسنغال، فإن الكثيرين يرون فيه «لعنة» على غرار ما تعرضت له بلدان نفطية أخرى»، مؤكداً أنه «على البلدان المستفيدة من هذه الطفرة الطاقوية أن تحذر من الوقوع في أخطاء البعض وأن تستفيد من نجاحات البعض الآخر».