نداء استغاثة.. إلى العلماء والمصلحين.
إلى علماء الأمة الإسلامية ومصلحيها وأصحاب الرأي السديد فيها..
إلى علماء منطقتنا وأهل الخير والفضل فيها.
إلى علماء موريتانيا ومصلحيها، بما يمثلونه من إرث شنقيط، الذي يجله البعيد، ويقدره القريب.
إخوانكم في شمال ووسط مالي، قد تفانوا ونزغ الشيطان بينهم، ودقت الفتنة عطر منشم.
يتناحرون تناحر الجاهلية الأولى، فيُذبح الأبرياء، ويُقتل المسلمون الغافلون بياتا وهم نائمون، ويغتالون ضحى وهم صائمون.. تقتحم البنادق والقنابل والأسلحة عليهم المساجد والمصليات والمخيمات البدوية، ويلعلع الرصاص مخترقا الأجساد المؤمنة، ومريقا الدماء المحرمة، عند الآبار ونقاط المياه، وفي المراعي والأسوق وحيثما ثقفوهم قتلوهم ونكلوا بهم تنكيلا.. يصطاد القتل المتبادل الناس ويحصدهم حصد الهشيم، وذنبهم الوحيد انتماؤهم العرقي أو القبلي..
تباد حيواناتهم، وتمنع المياه عن نسائهم وأطفالهم وذراريهم، فيتيهون في البيداء على وجوههم عطشا وخوفا ورعبا، يرون وراء كل شجرة وخلف كل أكمة، موتا زؤاما يترصدهم في فوهة سلاح أخ وجار، أو ضياعا مهلكا، وظمأ قاتلا، وجوعا لا إطعام منه، في صحراء ضاقت عليهم بما رحبت، فتسفك دماؤهم وتنتهك حرماتهم..
يحدث كل هذا البلاء والكرب وأنتم الجار الجنب والإخوة في العقيدة والجيرة والإنسانية، تتفرجون بأعصاب أبرد من بطن الضفدعة، ونفوس لا ترى في محنة الأخ ومصيبة الجار ما يرف له جفن، أو يرق له قلب، ترقبون شلال الدماء وكأن أمر المسلمين الأقربين لا يهمكم ويعنيكم.. لكن الحريق قادم، والطوفان يزبد نحو الجميع.
هل من ناهض يسعى للم الشمل وإخماد نار الفتنة، وإسكات صوت السلاح بين الأخوة الأعداء..
هل لكم في خير عميم في هذا الشهر الفضيل، تصلحون ذات البين وتحقنون الدماء..
هل لكم في طائفتين من المؤمنين اقتتلوا فتصلحوا بينهما.. عسى أن تصبحوا منها على خير موطن، بعيدين فيها من عقوق ومأثم.
إنهم ـ أيها السادة الأفاضل ـ قبائل ومجتمعات مسلمة تعيش مثلما أنكم تعيشون، إنهم مجتمعاتكم التي عرفتم وخبرتم، من الفلان والطوارق والعرب والبمبارة، ما زال جلهم يرقبون إلا وذمة لكلمة العلماء، ويصغون لنصيحة الوجهاء، ويستمعون لحكمة الحكماء.. وما يزال خطاب الدين أشد وقعا في نفوسهم، وأنجع ميرة لديهم.
قد أرهقتهم الفتنة واستحر فيهم القتل، فشتت الحرب شملهم، ويتمت أطفالهم، وأيمت نسوانهم، وأثكلت عجائزهم، وشردت بهم من خلفهم.
أيها ـ السادة الأجلاء ـ لقد قامت الحجة عليكم، ولم تعد لكم الخيرة من أمركم.. وأنا واثق أن جهودكم لن تضيع سدى، وأن الوساطات الأهلية والمقاربات الدينية والاجتماعية هي الأنفع والأجدى في تدارك أمر القوم.
فإن بادرتموه تداركوه … وإلا يسبق السيف البدارا.
من صفحة: محمدمحمود ابو المعالي