هل تحب أن تعرف عيوبك؟/ محمد الأمين بن الشيخ بن مزيد

0
371

من المهم جدا أن يعرف الإنسان عيوبه لينظف نفسه ويداويها ويطهرها ويزكيها (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) فما الوسيلة إلى ذلك ؟ لقد درس الغزالي ذلك وتوصل في إحياء علوم الدين (ج3ص:82-83) إلى أن هناك أربع وسائل يمكن بواسطتها معرفة عيوب النفس

1. الشيخ البصير بعيوب النفس المطلع على خفايا الآفات الذي يعرفك بعيوب نفسك ويعرفك بطرق علاجها فتتبع إشاراته وإرشاداته قال الغزالي : ” وقد عز في الزمان وجوده”

2. صديق صدوق بصير متدين ينبهك على عيوبك الظاهرة والباطنة قال الغزالي : “إلا أن هذا أيضا قد عز فقل في الأصدقاء من يترك المداهنة فيخبر بالعيب أو يترك الحسد فلا يزيد على قدر الواجب فلا تخلو في أصدقائك عن حسود أو صاحب غرض يرى ما ليس بعيب عيبا أو عن مداهن يخفى عنك بعض عيوبك . “

3. ألسنة الأعداء فإن عين السخط تبدي المساويا قال الشاعر

عداتي لهم فضل علي ومنة … فلا أذهب الرحمن عني الأعاديا

هم بحثوا عن زلتي فاجتنبتها … وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا

قال الغزالي : “ولعل انتفاع الإنسان بعدو مشاحن يذكِّره عيوبه أكثر من انتفاعه بصديق مداهن يثنى عليه ويمدحه ويخفى عنه عيوبه . “

4. مخالطة الناس فيتفقد نفسه ويطهرها عن كل ما يذمه من غيره ” وناهيك بهذا تأديبا فلو ترك الناس كلهم ما يكرهونه من غيرهم لاستغنوا عن المؤدِّب . ” ويلاحِظ الغزالي ملاحظة دقيقة وهي ” أن الطباعَ متقاربةٌ في اتباع الهوى فما يتصف به غيره فلا ينفك هو عن أصله أو عن أعظم منه أو عن شيء منه . “

هذه هي الأمور الأربعة التي تستطيع أن تعرف بها عيوبك نظمها محمد مولود (آد) في مطهرة القلوب فقال :

عرفانها الطرْقُ إليه أربع صديقٌ أو شيخٌ بصيرٌ تتْبَع

إيماءَه وخلطةُ الناس فما رآهم ذمُّوا اتقى تكرما

وهكذا تعرف من أقوال عداك فيك طالع الغزالي

تلك هي وسائل معرفة عيوب النفس ، والهدف من هذه المعرفة هو تطهير النفس من هذه العيوب وقد روى الطبري في تاريخ الأمم والملوك (ج4ص:64)

أن العباس رضي الله عنه قال لعمر رضي الله عنه وهو بالجابية : ” أربعٌ من عمِل بهنّ استوجب العدل: الأمانة في المال، والتسوية في القسم، والوفاء بالعدة، والخروج من العيوب؛ نظّف نفسك وأهلك.

اللهم آت نفسى تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها اللهم إنى أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها .