وقعت موريتانيا، اليوم الثلاثاء، مع بلجيكا اتفاقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، لم تعلن تفاصيل الاتفاقية بشكل رسمي، ولكن في ظل توجهات بلجيكا القوية نحو ترحيل المهاجرين « غير الشرعيين » إلى بلدانهم الأصلية، فهل ستساعد موريتانيا في ذلك بموجب الاتفاقية الجديدة.
قالت مصادر إن الاتفاق الجديد سيمكن البلدين من « التعاون الفني وتبادل المعلومات » في مجال محاربة الهجرة، فيما قال وزير الداخلية الموريتاني أحمدو ولد عبد الله إن « محاربة الهجرة غير الشرعية وتطبيق القوانين والنظم المعمول بها في مجال حركة الأشخاص تشكل اهتماما كبيرا للحكومة الموريتانية ».
ولد عبد الله الذي كان يتحدث في كلمة بعد التوقيع على الاتفاقية، وفي إطار استعراضه لجهود موريتانيا، أشار إلى « وضع نظام بيومتري لاستصدار وثائق مدنية مؤمنة، من قبيل بطاقات التعريف الوطنية وبطاقات إقامة الأجانب وجوازات السفر والتأشيرات »، كما تطرق إلى « إقامة نقاط عبور حدودية إلزامية لدخول التراب الوطني مجهزة بأنظمة حديثة لتقنين وضبط حركة الدخول والخروج من التراب الوطني ».
توقيع الاتفاق الجديد بين موريتانيا وبلجيكا في مقر وزارة الداخلية الموريتانية (و م أ)
الوزير الموريتاني في كلمته كشف حجم المعلومات الكبير الذي تملكه موريتانيا من خلال نظامها البيومتري الذي يحتفظ ببيانات جميع المهاجرين الذين عبروا من موريتانيا إلى أوروبا خلال السنوات الأخيرة.
ولكن السؤال البارز هو هل أن « تبادل المعلومات » الذي أشارت إليه الوكالة الموريتانية للأنباء يتضمن قاعدة البيانات التي قد تساعد بلجيكا في مساعيها لترحيل آلاف المهاجرين غير الشرعيين المقيمين على أراضيها، وخاصة أولئك المنحدرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء.
وسبق أن وقعت بلجيكا العام الماضي اتفاقية مشابهة مع السودان، مكنتها من التعرف على المهاجرين السودانيين وترحيلهم إلى بلدانهم، وقد أثارت القضية جدلاً واسعاً في بلجيكا لأن من ضمن المرحلين معارضين للنظام الحاكم في السودان.
وكان تيو فرانكن، كاتب الدولة البلجيكي المكلف باللجوء والهجرة، الذي وقع الاتفاقية مع الحكومة الموريتانية، هو مهندس توقيع الاتفاقية مع السودان، ودافع عنها كثيراً قبل أن يجبر على الاعتراف بأنها « غير أخلاقية ».
تيو فرانكن، كاتب الدولة البلجيكي المكلف باللجوء والهجرة
ولكن فرانكن اشتهر بمواقفه المعادية للمهاجرين، وسياسته الصارمة في كل ما يتعلق بالهجرة غير الشرعية، وسبق أن كتب تغريدات على « تويتر » تتضمن هجوماً حاداً على منظمة أطباء بلا حدود، يقول إنها تشجع الهجرة غير الشرعية، وذلك من خلال جهودها لإنقاذ المهاجرين.
وانتقد فرانكن بشدة عمليات الإنقاذ التي تقوم بها منظمة أطباء بلا حدود على السواحل الأوروبية لانتشال المهاجرين من البحر الأبيض المتوسط؛ وكتب: « من خلال عمليات الإنقاذ التي تقومون بها عند الشواطئ تساهمون في جلب المزيد من المهاجرين، وبالتالي تزيدون عدد الأموات ».
أثارت تغريدان فرانكن الكثير من الجدل، ما أرغم رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل على التدخل وإقناع فرانكن بلقاءٍ مع مسؤولين من منظمة أبطاء بلا حدود اعترف خلاله بأنه « ذهب بعيداً » في تغريداته، ولكنه لم يعتذر عما ورد فيها.
لم تكن تلك هي أول مرة يثير فرانكن الجدل بمواقفه العنصرية والمعادية للمهاجرين، فبعد ثلاثة أيام فقط من تعيينه كاتبَ دولة في الحكومة البلجيكية عام 2014، واجه فرانكن انتقادات لاذعة اتهم فيها بالمشاركة قبل أيام من تعيينه في نشاط متعاطف مع « النازيين »، وأنه أدلى بتصريحات « عنصرية »، وأرغم في النهاية على الاعتذار علناً.
استقبلت نواكشوط فرانكن الذي يبدو أنه وقع في سحر الصحراء الموريتانية، عندما التقط صورة بهاتفه لغروب الشمس على الطريق الرابط بين نواكشوط والمطار، ونشر الصورة على موقع تويتر مع تعليق يقول فيه: « الساحل اللا متناهي، موريتانيا بلد كبير المساحة يقع ما بين شمال وغرب أفريقيا ».
ولكن المسؤول البلجيكي المناهض للمهاجرين، اكتفى في حديثه عن الاتفاق بالتأكيد على أن لجنة بلجيكية عكفت على إعداده طيلة أشهر، وأضاف في تصريحات صحفية أن الاتفاق « إضافة نوعية » للعلاقات الموريتانية البلجيكية، قبل أن يشير إلى أن « نتائج أمنية » ستترتب على الاتفاق.
كما ظهر فرانكن في بث مباشر على موقع التواصل الاجتماعي « فيسبوك » وهو يحمل الاتفاق بعيد التوقيع عليه، بدا في المقطع القصير متحمساً للاتفاق.
من جهة أخرى احتفى المسؤول البلجيكي باللقاء الذي جمعه مع الوزير الأول الموريتاني محمد سالم ولد البشير، وقال في تغريدة على تويتر إنه تحدث معه حول « محاربة الهجرة غير الشرعية، الإرهاب والتطرف »، قبل أن يضيف: « سنعمل معاً ».
لم يحدد المسؤول البلجيكي طبيعة العمل الذي سيقوم به مع الحكومة الموريتانية في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية، ولكن التوقعات تشير إلى أن الرجل منشغل أكثر بترحيل المهاجرين الموجودين كوسيلة فعالة لمنع وصول أي مهاجرين جدد.
جدد.