ولد فال يقود حملة سياسية وإعلامية واسعة مناهضة للنظام
بينما بدأ الرئيس عبد العزيز زيارات للداخل لتدشين مشاريع تنموية
عبدالله مولود – القدس العربي
توازياً مع زيارات بدأها أمس الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لولاية تغانت شمال شرق البلاد لتدشين مشروعات تنموية، تابع خصمه السياسي الأشرس الرئيس الموريتاني الأسبق العقيد (متقاعد) علي ولد محمد فال حملته السياسية والإعلامية الملفتة التي بدأها قبل أسابيع والتي يخصصها لانتقاد نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز والدعوة لإنقاذ موريتانيا من «الكارثة».
ويطمح الرئيس ولد فال حالياً للعودة لرئاسة موريتانيا وهو مدير سابق للأمن على مدى عشرين سنة ورئيس سابق للمجلس العسكري للعدالة الذي حكم موريتانيا عام 2005 بعد الرئيس ولد الطايع.
والتقى ولد فال في إطار هذه الحملة برؤساء الأحزاب السياسية وبسفراء الدول الغربية، وعقد أمس ضمن هذه الحملة جلسة عمل مطولة مع محمد جميل منصور رئيس التجمع الوطني للإصلاح، ناقش معه أثناءها تسوية المشكلة القائمة بين الإسلاميين الذين يتصدرون المنتدى المعارض والرئيس ولد فال والتي سببها رفض ولد فال الترخيص لحزب التجمع الإسلامي خلال رئاسته للفترة الانتقالية ما بين 2005 و2007.
ونظم الرئيس ولد فال لقاءات مع الإعلاميين والمدونين خصصها لعروض سياسية تنتقد النظام الرئيس ولد عبد العزيز، وتدق ناقوس الخطر لتفادي ما سماه الرئيس الأسبق «كارثة ماحقة تندفع موريتانيا نحوها بفعل سياسات ولد عبد العزيز الخرقاء». وأكد ولد فال أمس في برنامج «تالك شوو» الذي تبثه قناة إفريقيا 24 «أن العوامل كافة تدفع موريتانيا نحو كارثة محققة».
وقال «إن سبب هذه الكارثة هو التمرد الذي قاده الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز يوم 6 آب/أغسطس 2008 ضد الرئيس المنتخب ولد الشيخ عبد الله والذي وضع موريتانيا في حالة تأزم تهدد وجود موريتانيا وتهيئ لتقويض مؤسسات الجمهورية». وقال «هذا التمرد قاد البلد بعد اتفاق داكار لانتخابات مزورة يوم 18 تموز/يوليو 2009، شرعت للجنرال ولد عبد العزيز نظامه الانقلابي. وأكد ولد فال في تصريحاته «أنه في الوقت الذي قاد فيه الجنرال عزيز انقلابه وتمرده كانت موريتانيا في وضعية اقتصادية مقبولة: فدينها الخارجي كان خفيفاً بعد استفادتها من المبادرة الدولية لمحو ديون الدول الفقيرة، وكانت الشركة الوطنية للمناجم توفر 30 بالمئة من مداخيل الميزانية، أما اليوم، يضيف ولد فال، فديون موريتانيا تبلغ خمسة مليارات دولار، وفوائد المديونية تتجاوز مئتي مليون دولار والشركة الوطنية للصناعة توجد على وشك الإفلاس».
وأكد العقيد فال «أن الذي أوصل موريتانيا لهذا الوضع الكارثي هو تمرد 2008 بينما المفروض أن تكون موريتانيا التي لا يتجاوز عدد سكانها أربعة ملايين شخص، غنية بثرواتها اليوم الطبيعية وبمصائدها الغنية وزراعتها الواعدة.
وأكد ولد فال الذي يعتبر نفسه أبا الديمقراطية الموريتانية «أن وحدة موريتانيا مهددة اليوم بفعل السياسات الخرقاء لنظامها الحالي حيث ظهرت مشاكل الرق وأصبح التعايش بين المكونات العرقية للمجتمع مهددة إلى حد كبير»، حسب قوله. وكان الرئيس الأسبق علي ولد محمد فال قد انتقد في تصريحات أخيرة لوكالة «الأخبار» (موريتانية مستقلة)، الحوار الذي نظمه الرئيس ولد عبد العزيز أزاخر الشهر الماضي. وقال إنه «لا فائدة من الحوار مع النظام الحالي، بل لا يمكن أن يكون هناك حوار جاد في ظل النظام الحالي»، مشدداً «على أن هذه هي قناعته النهائية التي عبر عنها في بيان أصدره بداية 2015».
وقال «لقد قام الرجل بتمرد شخصي، واستمر فيه إلى الآن، وعليه أن يرحل عام 2019، فلماذا نتحاور معه حول قضية يفرضها الدستور والقوانين، وهو قال إنه سيحترمها؟».
واعتبر ولد محمد فال أن قضية المأموريات الرئاسية «مسألة دستورية وحق للشعب الموريتاني لا يمكن التنازل عنه، وإذا وقع الحوار حولها فإن ذلك، حسب رأيه، يعتبر تنازلاً مجانياً عن موضوع يشكل حقاً للشعب الموريتاني، ومسألة محسومة دستورياً». وأشار العقيد العقيد ولد فال إلى أنه «إذا كان مجرد احترام الدستور والقوانين يحتاج إلى حوار، فلا شيء يرجى في هذا البلد، ولا قواعد ولا قوانين تحكم اللعبة السياسية فيه».
وأكد ولد محمد فال أن «النظام الحالي لا يمتلك أي عامل يجعل الحوار معه مجدياً، فهو جاء بتمرد، واستمر بتمرد، ويريد لكل الأمور أن تسير بتمرد، لقد تمرد 2008، وتمرد 2009، وتمرد 2014، ومن يضمن أن لا يتمرد 2019؟، يقول الرئيس الأسبق في ردوده. «فالحوار، يضيف ولد فال، مع هذا النوع من الأنظمة وفي هذه الظروف غير مجد ولا مفيد.. ولا يمكن أن تكون له نتيجة». وشدد ولد محمد فال على أنه «إذا كان لا بد من حوار فليكن من أجل إنهاء التمرد، وإعادة الشرعية قبل انتهاء المأمورية الحالية».
وأكد ولد فال إن «هنالك معوقات حقيقية وجوهرية تمنع من الثقة في أي حوار مع نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز منها أنه لا يمتلك القدرة ولا الشجاعة للدخول في حوار وطني تشارك فيه كل الأطراف ويخرج بحلول شاملة، وليس بمستوى الترفع السياسي الذي يؤهله لذلك، ومن هذه المعوقات تجربته السياسية وتعامله مع كل الحوارات التي حاول الموريتانيون تنظيمها لتذليل حالة الاحتقان والأزمة الخانقة التي يعيشها البلد، والذي أوضحت – بما لا يترك مجالاً للشك- عدم جديته وتلويحه بالحوار فقط لأهداف شخصية تخدم بقاءه في السلطة، وهكذا فإن حواراته إما أن تولد ميتة أو تموت في مهدها، وفي أحسن الأحوال، عندما يكون التهديد قوياً، هنا يتنازل ويقبل التقدم في الحوار حتى النهاية، لكنه ينكث بعهده، وينتقي من مخرجات الحوار ما يضمن مصالحه الشخصية فقط، ويضرب عرض الحائط بكل ما يتعارض معها، وما اتفاق داكار، يضيف ولد فال، منا ببعيد».
ويعتبر المراقبون أن الرئيس ولد فال الناشط حالياً ضمن منتدى المعارضة يمهد بهذه الحملة وهذه اللقاءات للعودة لكرسي الحكم في انتخابات 2019، وهي عودة تواجه مطبات عديدة وإن كانت غير مستبعدة.
ورغم أنه سلم السلطة طواعية في انتخابات 2007، فالرئيس فال يواجه انتقادات شديدة داخل المشهد السياسي؛ فالإسلاميون يعتبرونه عدواً لهم لرفضه الترخيص لحزبهم عام 2005، والزنوج يعتبرونه شريكاً في التصفيات العرقية التي استهدفتهم عام 1991، والكثيرون يتهمونه أيضاً بالفساد وبنهب المال العام.