صبيحة الخامس عشر من أكتوبر 2003؛ قطعت إذاعة موريتانيا بثها؛ مفسحة المجال لتلاوة من القرآن الكريم.
خطوة جاءت تنفيذا لمرسوم رئاسي تقرر بموجبه إعلان الحداد الوطني ثلاثة أيام بعد غروب شمس أول رئيس للبلاد.
الأسبوع المنصرم، مرت ذكرى رحيل الرجل في صمت كما في السنوات الماضية. الفرق الوحيد هو أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت تكسر حواجز الصمت الرسمي.
توفي المختار ولد داداه، أبو الأمة، كما يسمى على نطاق واسع في موريتانيا، يوما قبل ذلك التاريخ في مستشفى “فال د غراس” بباريس.
في جنازة الرئيس ولد داداه؛ التي انتظمت في المسجد العتيق بالعاصمة، الذي أشرف الرجل على تدشينه بعد الاستقلال. اجتمع غريما تلك المرحلة؛ الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع ومنافسه الدائم أحمد ولد داداه. وسالت دموع الكثيرين.
كان الرجل عنوان مرحلة طويلة ومهمة من تاريخ موريتانيا؛ سطر بيمينه فصولا منها في موريتانيا وهي تخطو على “درب التحديات”.
في “البعلاتية”؛ وهي مقبرة عتيقة لذوي الرجل في ضاحية بوتيلميت؛ ينام المختار قرب عدد كبير من أفراد أسرته.
لم يشيد على قبر الرجل بناء؛ المدرسة الفقهية المالكية لا تحبذ البناء على القبور. كلما هنالك هو شاهد كتب عليه بخط نسخ مشرقي إعلام بأن هذا هو قبر المختار ولد محمدن ولد داداه؛ بدون تعريج على أي أشياء أخرى.
اليوم بعد 14 سنة على رحيله. ماذا بقي من ذكريات المختار ولد داداه؟
شارع في الحي الراقي في نواكشوط يحمل اسم الرجل، وآخر في أحياء الترحيل الجديدة على حافة نواكشوط الجنوبية الشرقية، ومدرسة حرة اختار لها مسيروها حمل اسمه، على بعد زقاق من منزله في العاصمة، وهيئة المختار ولد داداه التي تسهر عليها أرملته السيدة مريم داداه؛ وكتاب يحمل اسمه سرد فيه جزءا من ذكرياته مع الحكم والناس والمحيط الخارجي.
يولع الموريتانيون بالحنين إلى الماضي. وهم قوم يجدون سلواهم في الحقب التي قد عاشها أسلافهم. ويسبغون على الماضي ورجال الماضي حلة فيها من القداسة شيء وفيها من الإعجاب أشياء. غير أن المختار ولد داداه؛ وهو من هو؛ لم يحظ بما يستحق من تكريم وتذكار، برأي عدد من الموريتانيين.
وقف الرجل خلف مشاريع كبيرة من بينها طريق الأمل والعملة الوطنية وإنشاء العاصمة.