(BDS) حملة مقاطعة إسرائيل.. الأهداف والمحاور والإنجازات

0
366

يتخذ النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي للشعب الفلسطيني مسارات عديدة, وتتنوع أشكال التضامن العربي والدولي مع القضية الفلسطينية في كل مناسبة ممكنة. منها ما هو مدفوع بدوافع إنسانية أو حقوقية أو دينية بحتة. وقد اتخذ البعض المقاطعة كوسيلة للتوعية بالقضية الفلسطينية, وتتجلى هذه الوسيلة في تحرّك دولي فاعل يسمى بحملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات, ويُعرف اختصارًا بحملة BDS. فما الذي تعنيه هذه الحملة وما هي أهدافها؟ وهل نجحت في تحقيق هذه الأهداف؟

التعريف بالحملة وأهدافها

الاسم الرسمي للحملة يتألف من اختصار الحروف الأولى من الكلمات الإنجليزية (Boycott,Divestment وSanctions), وتعني (المقاطعة, سحب الاستثمارات، فرض العقوبات) على التوالي.

تم إنشاء هذه الحركة عام 2005 كائتلاف من مجموعة من المنظمات الدولية ومنظمات العمل المدني المتضامنة والداعمة للشعب الفلسطيني ضد الاحتلال والتفرقة العنصرية التي تمارسها إسرائيل في الأراضي المحتلة, بالإضافة للعديد من المتطوعين من الفلسطينيين ومن حول العالم، وقد حظيت الحملة باهتمام كبير وتزايد عدد المتطوعين العاملين فيها بشكل ملحوظ في أعقاب العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2008/2009.

وتهدف الحملة للحشد والدعم وممارسة الضغط السياسي والاقتصادي والثقافي على إسرائيل إلى أن يتم تحقيق أهداف محددة, تحصرها الحملة رسميًّا في ثلاثة مطالب أساسية:

1- الالتزام بالقوانين الدولية وتنفيذ ما يطالب به المجتمع الدولي من إنهاء الاحتلال والتخلي عن نظام التفرقة العنصرية التي تمارسها إسرائيل.

2- منح الفلسطينيين من سكان إسرائيل حقوقهم ومساواتهم الكاملة بالسكان اليهود.

3- الإقرار بحق العودة للاجئين الفلسطينيين انصياعًا لقرار الأمم المتحدة رقم 194.

الجدير بالذكر أن الحملة تتخذ من تجارب المقاطعة التي حدثت في جنوب إفريقيا كنموذج لمناهضة نظام الفصل العنصري بين الأقلية من البيض والأغلبية ذات البشرة السمراء خلال القرن العشرين.

محاور الحملة

بالرغم من شيوع الاعتقاد بأن حملات المقاطعة لإسرائيل تقوم على أساس المقاطعة الاقتصادية, إلا أن هذا ليس إلا محور واحد من المحاور المتعددة التي تعمل من خلالها حملة BDS؛ حيث تشمل الحملة الحشد والتوعية في كل أشكال المقاطعة الأكاديمية في الجامعات والمؤتمرات العلمية حول العالم, والمقاطعة الثقافية التي تشمل الفعاليات الرياضية والفنية كالحفلات الموسيقية والمعارض.

أما المقاطعة الاقتصادية فهي لا تحشد فقط لمقاطعة البضائع الإسرائيلية, بل أيضًا لدعوة الشركات متعددة الجنسيات والحكومات حول العالم للتعهد بعدم التعاون اقتصاديًّا مع إسرائيل بشكل عام, أو مع الشركات التي تتخذ من المستوطنات مقرًا ومصانع لها, وهو ما يمكن تعريفه بـ”سحب الاستثمارات” أو الـ Divestment.

بالإضافة للمحور الثالث وهو السعي لفرض العقوبات على إسرائيل عبر الوسائل القانونية.

كما تقوم الحركة بالتصدي إعلاميًّا لكل ما من شأنه أن يحسن من صورة إسرائيل في الأوساط الإعلامية أو الثقافية كلما أمكن ذلك.

إنجازات الحملة

بالرغم من السنوات القليلة في عمر حملة المقاطعة, إلا أنها قد نجحت في تحقيق العديد من الإنجازات نحو أهدافها. وإن كان البعض يعتبر أن هذه الإنجازات لا تزال محدودة التأثير في عمق الاقتصاد أو السياسة الإسرائيلية, إلا أن الحملة تعمل على المدى الطويل في تحقيق ذلك فعلاً. والمتابع لتصريحات المسئولين الإسرائيليين يتمكن من رصد حالة القلق والإحراج الذي تشعر به دولتهم مع تزايد الاهتمام والمشاركة العالمية في الحملة.

وإن أردنا حصر أهم الانجازات التي تحققت لحملة المقاطعة فقد نحصل على قائمة طويلة من الجهات التي استجابت لحملة المقاطعة حول العالم, ومنها:

– إجبار الممثلة الأمريكية سكارليت جوهانسون على الاستقالة من منصبها كسفيرة عالمية في مؤسسة Oxfam الخيرية, بعد قيامها بتصوير إعلان لصالح شركة صودا ستريم الإسرائيلية, والتي تقيم أكبر مصانعها في إحدى المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية.

– تراجع العالم الفيزيائي البريطاني الشهير ستيفن هوكينغ عن المشاركة في مؤتمر علمي كان سيقام في إسرائيل في حزيران 2013, ويقال إنه قد اتخذ قراره بناء على نصائح ونقاشات أجراها معه زملاء له يتضامنون مع القضية الفلسطينية, وإن كان قد أعلن رسميًّا أن انسحابه كان لأسباب شخصية.

– إلغاء الفنان الأمريكي من أصل إفريقي ستيفي واندر مشاركته في حفل كان سيقام في مدينة لوس أنجلوس كان سيخصص ريعه لدعم الجيش الإسرائيلي في نوفمبر 2012.

– إعلان الوريثة المالكة لشركة ديزني انضمامها لحملة المقاطعة عبر سحب أسهم بقيمة 12 مليون دولار يمتلكها أفراد من عائلتها من شركة تجميل إسرائيلية التي تستخدم في منتجاتها مواد مستخرجة من البحر الميت ولديها مصنع مقام في إحدى المستوطنات، وقد جاء في الإعلان أن هذا القرار يأتي للاعتراض على مخالفة إسرائيل للقانون الدولي الذي يحظر استغلال الموارد الطبيعية الكامنة في أراض محتلة.

– تصديق الاتحاد الأوروبي على قانون يحظر استيراد منتجات المستوطنات الإسرائيلية.

– سحب أكبر بنكين أوروبيين لاستثماراتهم في عدة بنوك الإسرائيلية تساهم في بناء المستوطنات.

– قيام صندوق التقاعد الحكومي في النرويج (وهو صندوق يقوم بتشغيل واستثمار أموال المعاشات للمتقاعدين هناك, ويعتبر الأضخم في العالم) ببيع أسهمه في شركات وبنوك ممولة لبناء المستوطنات, وهذا يماثل ما فعلته واحدة من أكبر شركات الاستثمار في هولندا.

– مقاطعة شركة المياه الحكومية في هولندا لشركة مياه إسرائيلية وتراجعها عن نية التعاقد معها.

– تصويت غالبية الأعضاء في جمعية الدراسات الأمريكية ASA وجمعية الدراسات الأمريكية الآسيوية AAAS لمقاطعة إسرائيل أكاديميًّا.

– إعلان جامعة الدنمارك المهنية عن وقف تعاونها الأكاديمي مع جامعة إسرائيلية تقع مبانيها داخل إحدى المستوطنات بالضفة الغربية.

– إعلان وزراء الرياضة عن قرار مقاطعة الشركات الراعية لماراثون إسرائيلي أقيم في القدس الشرقية عام 2012, ومن بينها شركة أديداس.

هل ستؤثر هذه الحملة على إسرائيل في المدى البعيد؟

يمكن للبعض أن يجادل على عدم جدوى حملات المقاطعة المختلفة في التأثير على إسرئيل أو تغيير قراراتها بما يتعلق بالقضية الفلسطينية, إلا أن المتأمل في الخطوات الثابتة والنجاحات الصغيرة التي تحققها هذه الحملات قد يكون له قول آخر. خاصة إن تم مقارنتها بالنموذج الجنوب إفريقي, وما كانت تحققه حملات مقاطعة نظام الفصل العنصري في بداياتها.

إن تسليط الضوء والاهتمام الإعلامي الذي حظيت به الحملة مؤخرًا يوجه المزيد من الناس حول للعالم نحو الانتباه للقضية الفلسطينية ويرفع من مستوى الوعي الجماعي بما تقوم به إسرائيل من انتهاكات مستمرة للقانون الدولي في الأراضي المحتلة, وهذا بحد ذاته هدف يستحق أن يسعى المرء لتحقيقه.

ففي المجال الاقتصادي, يكفينا أن نعرف أن النظام الاقتصادي الإسرائيلي يعتمد بشكل كبير على الصادرات نحو أوروبا والولايات المتحدة، وقد لوحظ الانخفاض المستمر في الصادرات نحو أوروبا بشكل خاص خلال السنوات القليلة الماضية, وبدأ الخبراء الإسرائيليون بالدفع جديًّا باتجاه البحث عن أسواق آسيوية بديلة لما يتم فقده في أوروبا، فمن وجهة نظر إدارية بحتة, يسعى المستثمرون على الدوام للتعاون تجاريًّا مع الشركات ذات نسبة مخاطرة أقل من غيرها, ومن الشائع أن يتم اعتبار الشركات المثيرة للجدل أو ذات السمعة السيئة كجهات تحمل هامش مخاطرة كبير لدى التعامل معها، حتى وإن لم يكن للمستثمر موقف شخصي مقصود نحو مقاطعة إسرائيل بشكل خاص, فإن اتخاذه لقرار التعاون مع شركة إسرائيلية قد يتم بناء على عوامل تجارية بحتة.

المصدر