الكثير من الحكايا المؤلمة حملها عام 2017 عن الواقع السوري بعد مرور أكثر من ست سنوات من اندلاع الانتفاضة وما تبعها من حرب، وقد كانت حكايا الأطفال السوريين هي الأكثر وجعًا، حيث نقلت صورهم لحظات مؤثرة لاستشهادهم أو إصابتهم.
آخر تلك الحكايا التي تشغل الآن العالم هي حكاية طفل فقد عينه وجزءًا من جمجمته، وقبلها كانت حكاية طفل يتوسل لوالده أن يحمله لأن قدميه بترتا بسبب القصف، وثالثة لطفلة يقتلها الجوع، ورابعة لطفلة شكلت إصابتها ورحلة علاجها معاناة كبيرة.
كريم.. يغلق أعين العالم تضامنًا معه
لم يكن مفاجئًا أن تحمل الأيام القليلة الماضية شهادة من سكان الغوطة الشرقية، تفيد بـ: «أنّ أطفالهم ظلّوا في بعض الأوقات دون طعام لمدة 24 ساعة كاملة»، فحصار النظام السوري لنحو 400 ألف مدني مستمر منذ خمس سنوات، يمنع عن السكان الغذاء والدواء وأساسيات العيش، مع استمرار القصف على بلدات الغوطة الشرقية بالرغم من اتفاق خفض التصعيد الذي شمل المنطقة.
وليس بآخر فصول المعاناة، حملة التضامن الواسعة الآن مع الرضيع السوري «كريم» من سكان الغوطة، التي انطلقت بعد أن نشرت صور صادمة له تظهره ملامحه البريئة وقد نال منها تشوه كبير في الجانب الأيسر من الوجه، حيث فقد الصغير عينه اليسرى، وأصيبت جمجمته بكسر غائر قبل أن يكمل شهره الأول.
الطفل كريم (المصدر: الأناضول).
ظهر كريم وهو محمول على يد أشقائه الأطفال، يتولون رعايته بعد وفاة أمهم في بيت يعاني شحًّا في متطلبات الحياة، بعد أن فقد أبوهم أرضه الزراعية في «بلدة القيسا» في أعقاب نزوحه منها عام 2013، حيث تساعدهم في رعاية «كريم» الجدة، وهي رغم كبر سنها تجتهد لمنح الأحفاد الخمسة بعضًا من الحنان الذي فقدوه برحيل أمهم.
فلم يكفِ قوات النظام السوري ترك تلك الأسرة تعيش كما سكان الغوطة في وضع إنساني كارثي بسبب الحصار الشديد عليها، وأبت إلا أن تنال قذائفه من كريم حين احتضنته أمه وذهبت به لجلب الطحين من السوق، وقبل أن تتمكن من الحصول على الطحين باغتتها قذيفة سقطت في ساحة السوق، فاستشهدت أم الطفل وأصيب هو وزوجة عمه التي كانت بصحبة أمه، يقول والد كريم لـ«الأناضول»: «كريم يحتاج رعاية خاصة أنا حزين لأنه سيعيش طوال حياته بلا عين، وبجمجمة مصابة».
ويقوم النشطاء السوريون الآن بحملة تضامنية واسعة تظهر صورًا عديدة لهم على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يغطون إحدى أعينهم بأيديهم تعبيرًا عن رغبتهم بعدم الرؤيا بهذه العين كما كريم، وتذكر هذه الحملة بالتضامن مع الطفلة اليمنية «بثينة» التي نجت وحدها من غارة للتحالف العربي على منزلها بصنعاء قبل أشهر، فقد أقدم المتضامنون على فتح أعينهم بيدهم، وهي حركة قامت بها الطفلة بثينة لفتح عينها المغلقة بسبب الإصابة.
حين صرخ «عبد الباسط»: «شيلني يا بابا»
في أكتوبر (تشرين الثاني) الماضي، وقف طفل سوري في التاسعة من عمره على قدمين اصطناعيتين في مركز بيت الزكاة للأطراف الصناعية بالكويت، فقد تمكن حينها من المشي للمرة الأولى منذ بترت قدماه في مارس (آذار) الماضي بفعل برميل متفجر ألقاه النظام السوري على منزله الكائن بقرية «الهبيط» بريف إدلب الجنوبي، وقتلت في هذه المجزرة أم الطفل وشقيقته.
[youtube https://www.youtube.com/watch?v=2AcrDDQ04cg]